إِحْدَاهَا: الْإِصْطَبْلُ حِرْزُ الدَّوَابِّ مَعَ نَفَاسَتِهَا وَكَثْرَةِ قِيمَتِهَا، وَلَيْسَ حِرْزًا لِلثِّيَابِ وَالنُّقُودِ، وَالصِّفَةُ فِي الدَّارِ وَعَرْصَتِهَا حِرْزَانِ لِلْأَوَانِي وَثِيَابِ الْبِذْلَةِ دُونَ الْحُلِيِّ وَالنُّقُودِ ; لِأَنَّ الْعَادَةَ فِيهَا الْإِحْرَازُ فِي الْمَخَازِنِ، وَكَذَا الثِّيَابُ النَّفِيسَةُ تُحْرَزُ فِي الدُّورِ، وَفِي بُيُوتِ الْحَانَاتِ وَفِي الْأَسْوَاقِ الْمَنِيعَةِ، وَالْمَتْبَنُ حِرْزٌ لِلتِّبْنِ دُونَ الْأَوَانِي وَالْفُرُشِ.
وَاعْلَمْ أَنَّ مَا كَانَ حِرْزًا لِنَوْعٍ كَانَ حِرْزًا لِمَا دُونَهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ حِرْزًا لِمَا فَوْقَهُ.
الثَّانِيَةُ: إِذَا نَامَ فِي صَحْرَاءَ، أَوْ مَسْجِدٍ، أَوْ شَارِعٍ عَلَى ثَوْبِهِ، أَوْ تَوَسَّدَ عَيْبَتَهُ أَوْ مَتَاعَهُ، أَوِ اتَّكَأَ عَلَيْهِ، فَسُرِقَ الثَّوْبُ مِنْ تَحْتِهِ، أَوِ الْعَيْبَةُ، أَوْ أُخِذَ الْمِنْدِيلُ مِنْ رَأْسِهِ، أَوِ الْمَدَاسُ مِنْ رِجْلِهِ، أَوِ الْخَاتَمُ مِنْ أُصْبُعِهِ، وَجَبَ الْقَطْعُ ; لِأَنَّهُ مُحْرَزٌ بِهِ، وَلَوْ زَالَ رَأْسُهُ عَمَّا تَوَسَّدَهُ، أَوِ انْقَلَبَ فِي النَّوْمِ عَنِ الثَّوْبِ وَخَلَّاهُ، فَلَا قَطْعَ بِسَرِقَتِهِ، وَلَوْ رَفَعَ السَّارِقُ النَّائِمَ عَنِ الثَّوْبِ أَوَّلًا، ثُمَّ أَخَذَهُ، فَلَا قَطْعَ، وَلَوْ وَضَعَ مَتَاعَهُ أَوْ ثَوْبَهُ بِقُرْبِهِ فِي الصَّحْرَاءِ أَوِ الْمَسْجِدِ، فَإِنْ نَامَ أَوْ وَلَّاهُ ظَهَّرَهُ، أَوْ ذَهِلَ عَنْهُ بِشَاغِلٍ، لَمْ يَكُنْ مُحْرَزًا، وَإِنْ كَانَ مُتَيَقِّظًا يُلَاحِظُهُ فَتَغَفَّلَهُ السَّارِقُ، وَأَخَذَ الْمَالَ، قُطِعَ عَلَى الصَّحِيحِ، وَهَلْ يُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَكُونَ فِي الْمَوْضِعِ زَحْمَةُ الطَّارِقِينَ؟ وَجْهَانِ، أَحَدُهُمَا: لَا، وَتَكْفِي الْمُلَاحَظَةُ، لَكِنْ لَا بُدَّ بِسَبَبِ الزَّحْمَةِ مِنْ مَزِيدِ مُرَاقَبَةٍ وَتَحَفُّظٍ، وَأَصَحُّهُمَا: نَعَمْ، وَتُخْرِجُهُ الزَّحْمَةُ عَنْ كَوْنِهِ مُحْرَزًا، وَأُجْرِيَ الْوَجْهَانِ فِي الْخَبَّازِ وَالْبَزَّازِ وَغَيْرِهِمَا إِذَا كَثُرَتِ الزَّحْمَةُ عَلَى حَانُوتِهِ.
قَالَ الْإِمَامُ: وَلَوْ وَضَعَ الْمَتَاعَ فِي شَارِعٍ، وَلَاحَظَهُ جَمْعٌ، صَارَ عَدَدُ اللَّاحِظِينَ فِي مُعَارَضَةِ عَدَدِ الطَّارِقِينَ، كَلَاحِظٍ فِي الصَّحْرَاءِ فِي مُعَارَضَةِ طَارِقٍ، وَيُشْتَرَطُ كَوْنُ الْمُلَاحَظِ بِحَيْثُ يَقْدِرُ عَلَى الْمَنْعِ لَوِ اطَّلَعَ عَلَى سَارِقٍ إِمَّا بِنَفْسِهِ، وَإِمَّا بِالِاسْتِغَاثَةِ، فَإِنْ كَانَ ضَعِيفًا لَا يُبَالِي بِهِ السَّارِقُ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute