وَالْمَوْضِعُ بَعِيدٌ عَنِ الْغَوْثِ، فَلَيْسَ بِحِرْزٍ، بَلِ الشَّخْصُ شَائِعٌ مَعَ مَالِهِ، وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُفَرَّقَ بَيْنَ كَوْنِ الصَّحْرَاءِ مَوَاتًا أَوْ غَيْرَهُ.
وَاعْلَمْ أَنَّ الرُّكْنَ الْأَوَّلَ فِي كَوْنِهِ مُحْرَزًا الْمُلَاحَظَةُ، فَلَا تَكْفِي حَصَانَةُ الْمَوْضِعِ عَلَى أَصْلِ الْمُلَاحَظَةِ، حَتَّى إِنَّ الدَّارَ الْمُتَفَرِّدَةَ فِي طَرَفِ الْبَلَدِ لَا تَكُونُ حِرْزًا وَإِنْ تَنَاهَتْ فِي الْحَصَانَةِ، وَكَذَا الْقَلْعَةُ الْمُحْكَمَةُ ; لِأَنَّهُ إِذَا لَمْ يَكُنِ الْمَوْضِعُ عَلَى أَصْلِ الْمُلَاحَظَةِ، حَتَّى إِنَّ الدَّارَ الْمُنْفَرِدَةَ فِي طَرَفِ الْبَلَدِ لَا تَكُونُ خَطَرًا، لَكِنْ لَا يُحْتَاجُ مَعَ الْحَصَانَةِ إِلَى دَوَامِ الْمُلَاحَظَةِ بِخِلَافِ مَا ذَكَرْنَا فِي الصَّحْرَاءِ.
فَرْعٌ
لَوْ أَدْخَلَ يَدَهُ فِي جَيْبِ إِنْسَانٍ أَوْ كُمِّهِ، وَأَخَذَ الْمَالَ، أَوْ طَرَّ جَيْبَهُ، أَوْ كُمَّهُ، وَأَخَذَ الْمَالَ، قُطِعَ ; لِأَنَّهُ مُحْرَزٌ بِهِ، وَسَوَاءٌ رَبَطَهُ مِنْ دَاخِلِ الْكُمِّ، أَمْ مِنْ خَارِجِهِ أَمْ لَمْ يَرْبُطْهُ؟ وَإِنْ أَخَذَهُ مِنْ رَأْسِ مِنْدِيلٍ عَلَى رَأْسٍ، قَالَ الْبَغَوِيُّ: إِنْ كَانَ قَدْ شَدَّهُ عَلَيْهِ، قُطِعَ، وَإِلَّا فَلَا.
الثَّالِثَةُ: الدَّارُ إِنْ كَانَتْ مُنْفَصِلَةً عَنِ الْعِمَارَاتِ، بِأَنْ كَانَتْ فِي بَادِيَةٍ، أَوْ فِي الطُّرُقِ الْخَرَابِ مِنَ الْبَلَدِ، أَوْ فِي بُسْتَانٍ، فَلَيْسَتْ بِحِرْزٍ إِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا أَحَدٌ، سَوَاءٌ كَانَ الْبَابُ مَفْتُوحًا أَوْ مُغْلَقًا، فَإِنْ كَانَ فِيهَا صَاحِبُهَا، أَوْ حَافِظٌ آخَرَ، نُظِرَ إِنْ كَانَ نَائِمًا وَالْبَابُ مَفْتُوحٌ، فَلَيْسَتْ حِرْزًا، وَإِنْ كَانَ مُغْلَقًا فَوَجْهَانِ، الَّذِي أَجَابَ بِهِ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَمَنْ تَابَعَهُ: أَنَّهُ مُحْرَزٌ، وَالَّذِي يَقْتَضِيهِ إِطْلَاقُ الْإِمَامِ وَالْبَغَوِيِّ خِلَافُهُ.
قُلْتُ: الَّذِي قَالَهُ أَبُو حَامِدٍ أَقْوَى، وَجَزَمَ الرَّافِعِيُّ فِي «الْمُحَرَّرِ» بِأَنَّهُ غَيْرُ مُحْرَزٍ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute