وَإِنْ كَانَ مَنْ فِيهَا مُتَيَقِّظًا، فَالْأَمْتِعَةُ فِيهَا مُحْرَزَةٌ، سَوَاءٌ كَانَ الْبَابُ مَفْتُوحًا أَوْ مُغْلَقًا، لَكِنْ لَوْ كَانَ مِمَّنْ لَا يُبَالَى بِهِ وَهُوَ بَعِيدٌ عَنِ الْغَوْثِ، فَالْحُكْمُ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ فِي الْمَلْحُوظِ بِعَيْنِ الضَّعِيفِ فِي الصَّحْرَاءِ، وَإِنْ كَانَتِ الدَّارُ مُتَّصِلَةً بِدُورِ أَهْلِهِ، نُظِرَ إِنْ كَانَ الْبَابُ مُغْلَقًا وَفِيهَا صَاحِبُهَا، أَوْ حَافِظٌ آخَرُ، فَهِيَ حِرْزٌ لِمَا فِيهَا لَيْلًا وَنَهَارًا مُتَيَقِّظًا كَانَ الْحَافِظُ أَوْ نَائِمًا، وَإِنْ كَانَ الْبَابُ مَفْتُوحًا، فَإِنْ كَانَ مَنْ فِيهَا نَائِمًا لَمْ يَكُنْ حِرْزًا لَيْلًا قَطْعًا، وَلَا نَهَارًا فِي الْأَصَحِّ، وَقِيلَ: حِرْزٌ نَهَارًا فِي زَمَنِ الْأَمْنِ مِنَ النَّهْبِ وَغَيْرِهِ، وَإِنْ كَانَ مَنْ فِيهَا مُتَيَقِّظًا لَكِنَّهُ لَا يُتِمُّ الْمُلَاحَظَةَ بَلْ يَتَرَدَّدُ فِي الدَّارِ، فَتَغَفَّلُهُ إِنْسَانٌ فَسَرَقَ، لَمْ يُقْطَعْ عَلَى الْأَصَحِّ الْمَنْصُوصِ لِلتَّقْصِيرِ بِإِهْمَالِ الْمُرَاقَبَةِ مَعَ فَتْحِ الْبَابِ، وَلَوْ كَانَ يُبَالِغُ فِي الْمُلَاحَظَةِ بِحَيْثُ يَحْصُلُ الْإِحْرَازُ بِمِثْلِهِ فِي الصَّحْرَاءِ، فَانْتَهَزَ السَّارِقُ فُرْصَةً، قُطِعَ بِلَا خِلَافٍ.
وَلَوْ فَتَحَ صَاحِبُ الدَّارِ بَابَهَا، وَأَذِنَ لِلنَّاسِ فِي الدُّخُولِ كَشِرَاءِ مَتَاعِهِ، كَمَا يَفْعَلُهُ مَنْ يَخْبِزُ فِي دَارِهِ فَوَجْهَانِ ; لِأَنَّ الزَّحْمَةَ تَشْغَلُ، فَأَمَّا إِذَا لَمْ يَكُنْ فِيهَا أَحَدٌ، فَالْمَذْهَبُ وَبِهِ قَطَعَ الْبَغَوِيُّ: أَنَّهُ إِنْ كَانَ الْبَابُ مُغْلَقًا، فَهُوَ حِزْرٌ بِالنَّهَارِ فِي وَقْتِ الْأَمْنِ، وَلَيْسَ حِرْزًا فِي وَقْتِ الْخَوْفِ وَلَا فِي اللَّيْلِ، وَإِنْ كَانَ مَفْتُوحًا، لَمْ يَكُنْ حِرْزًا أَصْلًا، وَمَنْ جَعَلَ الدَّارَ الْمُنْفَصِلَةَ عَنِ الْعِمَارَاتِ حِرْزًا عِنْدَ إِغْلَاقِ الْبَابِ فَأَوْلَى أَنْ يَجْعَلَ الْمُتَّصِلَةَ بِهَا عِنْدَ الْإِغْلَاقِ حِرْزًا، وَإِذَا ادَّعَى السَّارِقُ أَنَّ صَاحِبَ الدَّارِ: نَامَ، أَوْ ضَيَّعَ مَا فِيهَا وَأَعْرَضَ عَنِ اللِّحَاظِ، فَقَالَ الْغَزَالِيُّ: يَسْقُطُ الْقَطْعُ بِمُجَرَّدِ دَعْوَاهُ، كَمَا فِي دَعْوَى الْمِلْكِ، وَيَجِيءُ فِيهِ الْوَجْهُ الْمَذْكُورُ هُنَاكَ.
وَاعْلَمْ أَنَّ الْأَمْرَ فِي كُلِّ هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى الْعَادَةِ الْغَالِبَةِ فِي الْإِحْرَازِ، وَعَلَى هَذَا الْأَصْلُ، قَالَ الْأَصْحَابُ: النَّقْدُ وَالْجَوْهَرُ وَالثِّيَابُ لَا تَكُونُ مُحْرَزَةً إِلَّا بِإِغْلَاقِ الْبَابِ عَلَيْهَا، وَأَمْتِعَةُ الْعَطَّارِينَ وَالْبَقَّالِينَ وَالصَّيَادِلَةِ إِذَا تَرَكَهَا عَلَى بَابِ الْحَانُوتِ وَنَامَ فِيهِ، أَوْ غَابَ عَنْهُ، فَإِنَّهُ ضَمَّ بَعْضُهَا إِلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute