حَمَلَهُ نَائِمًا أَوْ مُسْتَيْقِظًا، أَوْ دَعَاهُ فَتَبِعَهُ؛ لِأَنَّهُ كَالْبَهِيمَةِ يُسَاقُ أَوْ يُقَادُ، وَيَجِيءُ فِيهِ الْخِلَافُ فِي تَسْيِيرِ الْبَهِيمَةِ، وَالْمَجْنُونُ وَالْأَعْجَمِيُّ الَّذِي لَا يُمَيِّزُ كَصَغِيرٍ لَا يُمَيِّزُ، وَإِنْ كَانَ الصَّغِيرُ مُمَيِّزًا، فَسَرَقَهُ نَائِمًا أَوْ سَكْرَانَ أَوْ مَضْبُوطًا، فَعَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ فِي غَيْرِ الْمُمَيِّزِ، وَلَوْ دَعَاهُ وَخَدَعَهُ فَتَبِعَهُ بِاخْتِيَارِهِ، فَلَيْسَ بِسَرِقَةٍ، بَلْ هُوَ خِيَانَةٌ، وَلَوْ أَكْرَهُهُ بِالسَّيْفِ حَتَّى خَرَجَ مِنَ الْحِرْزِ، قُطِعَ عَلَى الْأَصَحِّ، وَلَوْ حَمَلَ عَبْدًا قَوِيًّا قَادِرًا عَلَى الِامْتِنَاعِ، فَلَمْ يَمْتَنِعْ، فَلَا قَطْعَ، وَلَوْ حَمَلَهُ نَائِمًا أَوْ سَكْرَانَ، قَالَ الْإِمَامُ: الْوَجْهُ عِنْدِي الْجَزْمُ بِثُبُوتِ يَدِهِ عَلَيْهِ حَتَّى لَوْ تَلَفَ قَبْلَ التَّيَقُّظِ، ضَمِنَهُ؛ لِأَنَّ الْمَنْقُولَ لَا يَتَوَقَّفُ ثُبُوتُ الْيَدِ عَلَيْهِ عَلَى الِاسْتِيلَاءِ وَالتَّمَكُّنِ مِنَ الْمُقَاوَمَةِ عِنْدَ طَلَبِ الِاسْتِرْدَادِ، قَالَ: وَفِي تَحْقِيقِ السَّرِقَةِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ مِثْلَ هَذَا الْعَبْدِ مُحْرَزٌ بِيَدِهِ وَقُوتِهِ، هَكَذَا ذَكَرَ الْمَسْأَلَةَ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ فِي «الْوَسِيطِ» عَلَى التَّرْدِيدِ، وَأَطْلَقَ فِي «الْوَجِيزِ» أَنَّهُ لَا قَطْعَ، قَالَ الْإِمَامُ: وَلَوْ جَلَسَ حَيْثُ لَا مُسْتَغَاثَ يُصَاحُ بِهِ، وَهُوَ يُلَاحِظُ مَتَاعَهُ، فَتَغَفَّلَهُ ضَعِيفٌ وَأَخَذَ الْمَالَ، وَلَوْ شَعَرَ بِهِ صَاحِبُ الْمَالِ لَطَرَدَهُ، فَهَلْ نَقُولُ: لَا قَطْعَ، كَمَا لَوْ أَخَذَهُ قَوِيٌّ لَا يُبَالِي بِصَاحِبِ الْمَالِ، أَمْ نَقُولُ: يَخْتَلِفُ الْحُكْمُ بِحَسْبِ اخْتِلَافِ الْآخِذِينَ؟ الظَّاهِرُ عِنْدَنَا أَنَّهُ يَخْتَلِفُ.
السَّادِسَةُ: الْحُرُّ لَا يُضْمَنُ بِالْيَدِ، فَلَا قَطْعَ بِسَرِقَتِهِ وَإِنْ كَانَ طِفْلًا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَالٍ، فَلَوْ كَانَ مَعَ الصَّبِيِّ مَالٌ، أَوْ فِي عُنُقِهِ قِلَادَةٌ تَبْلُغُ نِصَابًا، فَلَا قَطْعَ أَيْضًا عَلَى الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّهُ فِي يَدِ الصَّبِيِّ وَمُحْرَزٌ بِهِ فَلَمْ يُخْرِجْهُ مِنْ حِرْزِهِ، هَكَذَا أَطْلَقَ الْجُمْهُورُ الْوَجْهَيْنِ، وَصَوَّرَهُمَا الْإِمَامُ فِيمَا لَوْ كَانَ الصَّبِيُّ نَائِمًا أَوْ مَرْبُوطًا عِنْدَ الْحَمْلِ، قَالَ: وَيَجْرِيَانِ فِي أَنَّ مَنْ حَمَلَهُ عَلَى غَيْرِ صُورَةِ السَّرِقَةِ هَلْ تَدْخُلُ الثِّيَابُ الَّتِي عَلَيْهِ فِي ضَمَانِهِ؟ وَلَوْ حَمَلَ حُرًّا مُسْتَقِلًّا وَأَخْرَجَهُ مِنَ الْحِرْزِ وَعَلَيْهِ ثِيَابُهُ، أَوْ مَعَهُ مَالٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute