آخَرُ، قَالَ الْإِمَامُ: تَقَدَّمَ عَلَيْهِ مَسْأَلَةٌ وَهِيَ أَنَّهُ لَوْ نَامَ عَلَى بَعِيرٍ عَلَيْهِ أَمْتِعَةٌ. فَجَاءَ سَارِقٌ فَأَخَذَ بِزِمَامِهِ، وَأَخْرَجَهُ عَنِ الْقَافِلَةِ، وَجَعَلَهُ فِي مَضْيَعَةٍ، وَفِيهِ أَرْبَعَةُ أَوْجُهٍ، أَحَدُهَا: يَجِبُ الْقَطْعُ؛ لِأَنَّهُ أَخْرَجَ نِصَابًا مِنَ الْحِرْزِ وَالْمَأْمَنِ إِلَى الْمَضْيَعَةِ. وَالثَّانِي: لَا قَطْعَ؛ لِأَنَّ الْبَعِيرَ وَمَا عَلَيْهِ مُحْرَزٌ بِالرَّاكِبِ وَلَمْ يُخْرِجْهُ مِنْ يَدِهِ. وَالثَّالِثُ: إِنْ كَانَ الرَّاكِبُ قَوِيًّا لَا يُقَاوِمُهُ السَّارِقُ، لَوِ انْتَبَهَ فَلَا قَطْعَ، وَإِنْ كَانَ ضَعِيفًا لَا يُبَالِي بِهِ السَّارِقُ، قُطِعَ وَلَا أَثَرَ لِيَدِ الضَّعِيفِ. وَالرَّابْعُ وَهُوَ الْأَصَحُّ، وَلَمْ يَذْكُرْ كَثِيرُونَ سِوَاهُ: إِنْ كَانَ الرَّاكِبُ حُرًّا، فَلَا قَطْعَ؛ لِأَنَّ الْمَتَاعَ وَالْبَعِيرَ فِي يَدِهِ، وَإِنْ كَانَ عَبْدًا، قُطِعَ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ فِي نَفْسِهِ مَسْرُوقٌ يَتَعَلَّقُ بِهِ الْقَطْعُ، ثُمَّ بَنَى الْإِمَامُ عَلَى هَذَا الْخِلَافِ خِلَافًا حَكَاهُ فِي أَنَّ الْمُسْتَقِلَّ إِذَا حَمَلَهُ حَامِلٌ، هَلْ يَدْخُلُ مَا عَلَيْهِ مِنَ الثِّيَابِ تَحْتَ يَدِ الْحَامِلِ؟ قَالَ: وَالْقَوْلُ بِدُخُولِهَا بَعِيدٌ، وَهُوَ فِي الْحُرِّ الْقَوِيِّ أَبْعَدُ مِنْهُ فِي الضَّعِيفِ وَحَيْثُ لَا تَثْبُتُ يَدُ الْحَامِلِ عَلَى الثِّيَابِ فَلَا سَرِقَةَ، وَأَنَّ مَا مَعَ الْحُرِّ لَا يَدْخُلُ فِي يَدِ الْحَامِلِ؛ لِأَنَّ يَدَ الْمَحْمُولِ ثَابِتَةٌ عَلَى مَا مَعَهُ، وَلِهَذَا نَقُولُ: مَا يُوجَدُ مَعَ اللَّقِيطِ يُحْكَمُ بِأَنَّهُ فِي يَدِهِ.
فَرْعٌ
لَوْ سَرَقَ حُلِيًّا مِنْ عُنُقِ صَبِيٍّ، أَوْ سَرَقَ ثِيَابَهُ، قُطِعَ، وَفِي الْمَوْضِعِ الَّذِي يَكُونُ الْعَبْدُ الصَّغِيرُ مُحْرَزًا، وَلَوْ سَرَقَ قِلَادَةً مِنْ عُنُقِ كَلْبٍ، أَوْ سَرَقَهَا مَعَ الْكَلْبِ، قُطِعَ، وَحِرْزُ الْكَلْبِ كَحِرْزِ الدَّوَابِّ.
الطَّرَفُ الثَّالِثُ فِي الْمَحَلِّ الْمَنْقُولِ إِلَيْهِ
فَلَا قَطْعَ بِنَقْلِ الْمَتَاعِ مِنْ بَعْضِ زَوَايَا الْحِرْزِ إِلَى بَعْضِهَا، وَلَوْ نُقِلَ مِنْ بَيْتٍ إِلَى صَحْنِ الدَّارِ، نُظِرَ إِنْ كَانَ بَابُ الْبَيْتِ مُغْلَقًا وَبَابُ الدَّارِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute