قُلْتُ: الثَّانِي أَصَحُّ، وَصَحَّحَهُ الْأَكْثَرُونَ. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -
قَالَ أَصْحَابُنَا الْعِرَاقِيُّونَ: لَوْ كَانَ الْإِمَامُ فِي إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ فِي الصُّوَرِ الْأَرْبَعِ الْأَخِيرَةِ، تَرَتَّبَ عَلَى الصُّورَةِ الْأُولَى. فَإِنْ قُلْنَا: الَّتِي فِيهَا الْإِمَامُ هِيَ الصَّحِيحَةُ مَعَ الْعِلْمِ بِتَأَخُّرِهَا، فَهُنَا أَوْلَى، وَإِلَّا فَلَا أَثَرَ لِحُضُورِهِ.
الشَّرْطُ الرَّابِعُ: الْعَدَدُ. فَلَا تَنْعَقِدُ الْجُمُعَةُ بِأَقَلَّ مِنْ أَرْبَعِينَ، هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ الصَّحِيحُ الْمَشْهُورُ. وَنَقَلَ صَاحِبُ «التَّلْخِيصِ» قَوْلًا عَنِ الْقَدِيمِ: أَنَّهَا تَنْعَقِدُ بِثَلَاثَةٍ: إِمَامٍ، وَمَأْمُومَيْنِ. وَلَمْ يُثْبِتْهُ عَامَّةُ الْأَصْحَابِ. وَيُشْتَرَطُ فِي الْأَرْبَعِينَ: الذُّكُورَةُ، وَالتَّكْلِيفُ، وَالْحُرِّيَّةُ، وَالْإِقَامَةُ عَلَى سَبِيلِ التَّوَطُّنِ. وَصِفَةُ التَّوَطُّنِ: أَنْ لَا يَظْعَنُوا عَنْ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ شِتَاءً وَلَا صَيْفًا، إِلَّا لِحَاجَةٍ. فَلَوْ كَانُوا يَنْزِلُونَ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ صَيْفًا، وَيَرْتَحِلُونَ شِتَاءً، أَوْ عَكْسَهُ، فَلَيْسُوا مُسْتَوْطِنِينَ ; فَلَا تَنْعَقِدُ بِهِمْ. وَفِي انْعِقَادِهَا بِالْمُقِيمِ الَّذِي لَمْ يَجْعَلِ الْمَوْضِعَ وَطَنًا لَهُ خِلَافٌ نَذْكُرُهُ فِي الْبَابِ الثَّانِي - إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى -. وَتَنْعَقِدُ بِالْمَرْضَى عَلَى الْمَشْهُورِ. وَفِي قَوْلٍ شَاذٍّ: لَا تَنْعَقِدُ بِهِمْ، كَالْعَبِيدِ. فَعَلَى هَذَا، صِفَةُ الصِّحَّةِ شَرْطٌ خَامِسٌ. ثُمَّ الصَّحِيحُ، أَنَّ الْإِمَامَ مِنْ جُمْلَةِ الْأَرْبَعِينَ. وَالثَّانِي: يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ زَائِدًا عَلَى الْأَرْبَعِينَ. وَحَكَى الرُّويَانِيُّ هَذَا الْخِلَافَ قَوْلَيْنِ. الثَّانِي الْقَدِيمُ.
فَرْعٌ
الْعَدَدُ الْمُعْتَبَرُ فِي الصَّلَاةِ - وَهُوَ الْأَرْبَعُونَ - مُعْتَبَرٌ فِي الْكَلِمَاتِ الْوَاجِبَةِ مِنَ الْخُطْبَتَيْنِ، وَاسْتِمَاعِ الْقَوْمِ لَهَا. فَلَوْ حَضَرَ الْعَدَدُ، ثُمَّ انْفَضُّوا كُلُّهُمْ، أَوْ بَعْضُهُمْ، وَبَقِيَ دُونَ أَرْبَعِينَ، فَتَارَةً يَنْقُصُونَ قَبْلَ الْخُطْبَةِ، وَتَارَةً فِيهَا، وَتَارَةً بَعْدَهَا، وَتَارَةً فِي الصَّلَاةِ، فَإِنِ انْفَضُّوا قَبْلَ افْتِتَاحِ الْخُطْبَةِ، لَمْ يُبْتَدَأْ بِهَا حَتَّى يَجْتَمِعَ أَرْبَعُونَ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute