بِالشُّرُوعِ فِي الْخُطْبَةِ، وَلَمْ يَحْكِ أَكْثَرُ الْعِرَاقِيِّينَ هَذَا الثَّالِثَ. فَإِذَا قُلْنَا بِالْأَوَّلِ، فَالِاعْتِبَارُ بِالْفَرَاغِ مِنْ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ. فَلَوْ سَبَقَتْ إِحْدَاهُمَا بِهَمْزَةِ التَّكْبِيرَةِ، وَالْأُخْرَى بِالرَّاءِ مِنْهَا، فَالصَّحِيحَةُ هِيَ السَّابِقَةُ بِالرَّاءِ، عَلَى الْأَصَحِّ. وَعَلَى الثَّانِي: السَّابِقَةُ بِالْهَمْزَةِ. ثُمَّ عَلَى اخْتِلَافِ الْأَوْجُهِ، لَوْ سَبَقَتْ إِحْدَاهُمَا، وَكَانَ السُّلْطَانُ مَعَ الْأُخْرَى، فَالْأَظْهَرُ أَنَّ السَّابِقَةَ هِيَ الصَّحِيحَةُ، وَلَا أَثَرَ لِلسُّلْطَانِ. وَالثَّانِي: أَنَّ الَّتِي مَعَهَا السُّلْطَانُ، هِيَ الصَّحِيحَةُ. وَلَوْ دَخَلَتْ طَائِفَةٌ فِي الْجُمُعَةِ، فَأُخْبِرُوا أَنَّ طَائِفَةً سَبَقَتْهُمْ بِمَا ذَكَرْنَا، اسْتُحِبَّ لَهُمُ اسْتِئْنَافُ الظُّهْرِ. وَهَلْ لَهُمْ أَنْ يُتِمُّوهَا ظُهْرًا؟ فِيهِ الْخِلَافُ السَّابِقُ، فِيمَا إِذَا خَرَجَ الْوَقْتُ وَهُمْ فِي الْجُمُعَةِ.
الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ: أَنْ تَقَعَ الْجُمُعَتَانِ مَعًا، فَبَاطِلَتَانِ، وَتُسْتَأْنَفُ جُمُعَةٌ إِنْ وَسِعَ الْوَقْتُ.
الثَّالِثَةُ: أَنْ يُشْكِلَ الْحَالُ، وَلَا يَدْرِي اقْتَرَنَتَا، أَمْ سَبَقَتْ إِحْدَاهُمَا، فَيُعِيدُونَ الْجُمُعَةَ أَيْضًا، لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ جُمُعَةٍ مُجَزَّئَةٍ. قَالَ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ: وَقَدْ حَكَمَ الْأَئِمَّةُ بِأَنَّهُمْ إِذَا أَعَادُوا الْجُمُعَةَ، بَرِئَتْ ذِمَّتُهُمْ. وَفِيهِ إِشْكَالٌ لِاحْتِمَالِ تَقَدُّمِ إِحْدَاهُمَا، فَلَا تَصِحُّ أُخْرَى، وَلَا تَبْرَأُ ذِمَّتُهُمْ بِهَا. فَسَبِيلُ الْيَقِينِ: أَنْ يُقِيمُوا جُمُعَةً، ثُمَّ يُصَلُّوا ظُهْرًا.
الرَّابِعَةُ: أَنْ تَسْبِقَ إِحْدَاهُمَا بِعَيْنِهَا، ثُمَّ تَلْتَبِسُ، فَلَا تَبْرَأُ وَاحِدَةٌ مِنَ الطَّائِفَتَيْنِ عَنِ الْعُهْدَةِ، خِلَافًا لِلْمُزَنِيِّ. ثُمَّ مَاذَا عَلَيْهِمْ؟ فِيهِ طَرِيقَانِ. الْمَذْهَبُ: أَنَّ عَلَيْهِمُ الظُّهْرَ. وَالثَّانِي: عَلَى الْقَوْلَيْنِ فِي الصُّورَةِ الْخَامِسَةِ، وَبِهِ قَطَعَ الْعِرَاقِيُّونَ.
الْخَامِسَةُ: أَنْ تَسْبِقَ إِحْدَاهُمَا وَلَا يَتَعَيَّنَ، بِأَنْ سَمِعَ مَرِيضَانِ، أَوْ مُسَافِرَانِ، تَكْبِيرَتَيْنِ مُتَلَاحِقَتَيْنِ وَهُمَا خَارِجَ الْمَسْجِدَيْنِ، فَأَخْبَرَاهُمْ بِالْحَالِ وَلَمْ يَعْرِفَا الْمُتَقَدِّمَةَ، فَلَا تَبْرَأُ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا عَنِ الْعُهْدَةِ، خِلَافًا لِلْمُزَنِيِّ أَيْضًا. وَمَاذَا عَلَيْهِمْ؟ قَوْلَانِ. أَظْهَرُهُمَا فِي «الْوَسِيطِ» : أَنَّهُمْ يَسْتَأْنِفُونَ الْجُمُعَةَ. وَالثَّانِي: يُصَلُّونَ الظُّهْرَ. قَالَ الْأَصْحَابُ: وَهُوَ الْقِيَاسُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute