قَوْلًا: أَنَّهُ إِنْ قَتَلَ وَأَخَذَ نِصَابًا، قُطِعَ وَقُتِلَ، وَلَمْ يُصْلَبْ، وَإِنْ قَتَلَ وَأَخَذَ دُونَ نِصَابٍ، لَمْ يُقْطَعْ بَلْ يُقْتَلُ وَيُصْلَبُ، وَفِي كَيْفِيَّةِ الْقَتْلِ وَالصَّلْبِ إِذَا اجْتَمَعَا قَوْلَانِ، أَظْهَرُهُمَا: يُقْتَلُ ثُمَّ يُصْلَبُ، وَعَلَى هَذَا كَمْ يُتْرَكُ مَصْلُوبًا؟ وَجْهَانِ، أَصَحُّهُمَا وَهُوَ نَصُّهُ: ثَلَاثًا، فَإِذَا مَضَى الثَّلَاثُ، وَسَالَ صَلِيبُهُ، وَهُوَ الْوَدَكُ، أُنْزِلَ، وَإِلَّا فَوَجْهَانِ، أَحَدُهُمَا: لَا يُنْزَلُ بَلْ يُتْرَكُ حَتَّى يَسِيلَ صَلِيبُهُ، وَأَصَحُّهُمَا: يُنْزَلُ، وَيَكْفِي مَا حَصَلَ مِنَ النِّكَالِ، وَلَوْ خِيفَ التَّغَيُّرُ قَبْلَ الثَّلَاثِ هَلْ يُنْزَلُ؟ وَجْهَانِ، أَصَحُّهُمَا: نَعَمْ، وَبِهِ قَالَ الْمَاسَرْجِسِيُّ وَغَيْرُهُ، وَالْوَجْهُ الثَّانِي مِنَ الْأَصْلِ: يُتْرَكُ مَصْلُوبًا حَتَّى يَسِيلَ صَدِيدُهُ وَيَتَهَرَّأَ، وَلَا يُنْزَلْ بِحَالٍ، وَالْوَجْهَانِ مُتَّفِقَانِ عَلَى أَنْ يُصْلَبَ عَلَى خَشَبَةٍ وَنَحْوِهَا، وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَعَنِ ابْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ يُطْرَحُ عَلَى الْأَرْضِ حَتَّى يَسِيلَ صَدِيدُهُ، قَالَ الْإِمَامُ وَذَكَرَ الصَّيْدَلَانِيُّ: أَنَّهُ يُتْرَكُ حَتَّى يَتَسَاقَطَ، وَفِي الْقَلْبِ مِنْهُ شَيْءٌ، فَإِنِّي لَمْ أَرَهُ لِغَيْرِهِ، وَإِذَا قُلْنَا: يُنْتَظَرُ سَيَلَانُ الصَّلِيبِ، لَمْ نُبَالِ نَتْنَهُ، وَلَفْظُ الْبَغَوِيِّ فِي حِكَايَةِ وَجْهِ ابْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ يُتْرَكُ حَتَّى يَسِيلَ صَدِيدُهُ إِلَّا أَنْ يَتَأَذَّى بِهِ الْأَحْيَاءُ، وَمَا ذَكَرَهُ الْإِمَامُ أَقْرَبُ إِلَى سِيَاقِ ذَلِكَ الْوَجْهِ.
وَالْقَوْلُ الثَّانِي فِي كَيْفِيَّةِ الْقَتْلِ: أَنَّهُ يُصْلَبُ حَيًّا، ثُمَّ يُقْتَلُ، وَعَلَى هَذَا كَيْفَ يُقْتَلُ، أَيُتْرَكُ بِلَا طَعَامٍ وَشَرَابٍ حَتَّى يَمُوتَ، أَمْ يُجْرَحُ حَتَّى يَمُوتَ، أَمْ يُتْرَكُ مَصْلُوبًا ثَلَاثًا، ثُمَّ يُنْزَلُ وَيُقْتَلُ، فِيهِ أَوْجُهٌ، وَيُعْرَفُ بِهَذَا أَنَّ الصَّلْبَ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ يُرَادُ بِهِ صَلْبٌ لَا يَمُوتُ مِنْهُ، وَتَقَدَّمَ فِي كِتَابِ الْجَنَائِزِ حُكْمُ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ، وَأَنَّ الْخِلَافَ السَّابِقَ فِي إِنْزَالِهِ عَنِ الْخَشَبَةِ بَعْدَ ثَلَاثٍ وَتَرْكِهِ جَارٍ تَفْرِيعًا عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي، أَمَّا إِذَا لَمْ يَأْخُذْ مَالًا وَلَا قَتَلَ، وَلَكِنْ كَثَّرَ جَمْعَ الْقَاطِعِينَ، وَكَانَ رَدْءًا لَهُمْ، وَأَرْغَبَ الرُّفْقَةَ عَلَيْهِ، كَمَا لَا حَدَّ فِي مُقَدِّمَاتِ الزِّنَى، وَلَوْ أَخَذَ بَعْضُهُمْ أَقَلَّ مِنْ نِصَابٍ، فَكَذَلِكَ الْحُكْمُ إِذَا شَرَطْنَا النِّصَابَ، وَلَا يَكْمُلُ نِصَابُهُ بِمَا أَخَذَهُ غَيْرُهُ، وَفِيمَا يُعَاقَبُ بِهِ الرَّدْءُ وَجْهَانِ، أَصَحُّهُمَا: يُعَزِّرُهُ الْإِمَامُ بِاجْتِهَادِهِ بِالْحَبْسِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute