الْخَارِجُونَ بِالْعِصِيِّ وَالْحِجَارَةِ قُطَّاعٌ، وَذَكَرَ الْإِمَامُ أَنَّهُ يَكْفِي الْقَهْرُ وَأَخْذُ الْمَالِ بِاللَّكْزِ، وَالضَّرْبِ بِجَمْعِ الْكَفِّ، وَفِي «التَّهْذِيبِ» نَحْوُهُ، وَكَلَامُ جَمَاعَةٍ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ آلَةٍ، وَلَا يُشْتَرَطُ الْعَدَدُ، بَلِ الْوَاحِدُ إِذَا كَانَ لَهُ فَضْلُ قُوَّةٍ يَغْلِبُ بِهَا الْجَمَاعَةَ، وَتَعَرَّضَ لِلنُّفُوسِ وَالْأَمْوَالِ مُجَاهِرًا، فَهُوَ قَاطِعُ طَرِيقٍ.
الطَّرَفُ الثَّانِي فِي عُقُوبَتِهِمْ: فَإِذَا عَلِمَ الْإِمَامُ مِنْ رَجُلٍ، أَوْ مِنْ جَمَاعَةٍ أَنَّهُمْ يَتَرَصَّدُونَ لِلرُّفْقَةِ، وَيُخِيفُونَ السَّبِيلَ، وَلَمْ يَأْخُذُوا بَعْدُ مَالًا، وَلَا قَتَلُوا نَفْسًا، طَلَبَهُمْ، وَعَزَّرَهُمْ بِالْحَبْسِ وَغَيْرِهِ، قَالَ ابْنُ سُرَيْجٍ: وَالْحَبْسُ فِي هَذِهِ الْحَالِ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِمْ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ أَحْوَطُ وَأَبْلَغُ فِي الزَّجْرِ وَالْإِيحَاشِ، وَإِنْ أَخَذَ قَاطِعٌ مِنَ الْمَالِ قَدْرَ نِصَابِ السَّرِقَةِ، قُطِعَتْ يَدُهُ الْيُمْنَى وَرِجْلُهُ الْيُسْرَى، فَإِنْ عَادَ مَرَّةً أُخْرَى، قُطِعَتْ يَدُهُ الْيُسْرَى وَرِجْلُهُ الْيُمْنَى، وَإِنَّمَا يُقْطَعُ مِنْ خِلَافٍ لِئَلَّا يَفُوتَ جِنْسُ الْمَنْفَعَةِ، وَسَوَاءٌ كَانَ النِّصَابُ لِوَاحِدٍ أَوْ لِجَمَاعَةِ الرُّفْقَةِ كَمَا سَبَقَ فِي السَّرِقَةِ، وَإِنْ كَانَ الْمَأْخُوذُ دُونَ نِصَابٍ، فَلَا قَطْعَ، وَقَالَ ابْنُ خَيْرَانَ: فِيهِ قَوْلَانِ، كَالْقَوْلَيْنِ فِي قَتْلِ قَاطِعِ الطَّرِيقِ، هَلْ تُعْتَبَرُ فِيهِ الْكَفَاءَةُ؛ لِأَنَّهُ فَارَقَ السَّرِقَةَ فِي اشْتِرَاطِ الْحِرْزِ فَكَذَا فِي النِّصَابِ، وَالْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ، لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «الْقَطْعُ فِي رُبُعِ دِينَارٍ فَصَاعِدًا» وَمَا ادَّعَاهُ فِي الْحِرْزِ مَمْنُوعٌ، بَلِ الَّذِي قَالَهُ الْأَصْحَابُ: أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمَالُ ضَائِعًا تَسِيرُ بِهِ الدَّوَابُّ بِلَا حَافِظٍ، فَلَا قَطْعَ، وَلَوْ كَانَتِ الْجِمَالُ مَقْطُورَةً وَلَمْ تُتَعَهَّدْ كَمَا شَرَطْنَا فِيهَا، لَمْ يَجِبِ الْقَطْعُ، وَإِنْ قَتَلَ قَاطِعُ الطَّرِيقِ، قُتِلَ، وَهُوَ قَتْلٌ مُتَحَتِّمٌ لَيْسَ سَبِيلُهُ سَبِيلَ الْقِصَاصِ، وَإِنْ جَمَعَ بَيْنَ الْقَتْلِ وَأَخْذِ الْمَالِ، قُتِلَ وَصُلِبَ، وَيُعْتَبَرُ فِي الْمَالِ كَوْنُهُ نِصَابًا، وَيَجِيءُ فِيهِ خِلَافُ ابْنِ خَيْرَانَ، هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ، وَخَرَّجَ ابْنُ سَلَمَةَ قَوْلًا: أَنَّهُ تُقْطَعُ يَدُهُ وَرِجْلُهُ وَيُقْتَلُ وَيُصْلَبُ، وَحَكَى صَاحِبُ «التَّقْرِيبِ»
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute