أَنَّهُ يَسْقُطُ بِالتَّوْبَةِ الْقِصَاصُ وَحَدُّ الْقَذْفِ؛ لِأَنَّهُمَا يَسْقُطَانِ بِالشُّبْهَةِ، كَحُدُودِ اللَّهِ تَعَالَى. وَنَقَلَهُ ابْنُ الْقَطَّانِ فِي الْقَذْفِ قَوْلًا قَدِيمًا، وَلَيْسَ بِشَيْءٍ، وَإِنْ كَانَ قَدْ قَتَلَ وَأَخَذَ الْمَالَ، سَقَطَ الصَّلْبُ وَانْحِتَامُ الْقَتْلِ، وَبَقِيَ الْقِصَاصُ وَضَمَانُ الْمَالِ، وَفِي الْقِصَاصِ مَا ذَكَرْنَا، وَإِنْ كَانَ قَدْ أَخَذَ الْمَالَ، سَقَطَ قَطْعُ الرِّجْلِ، وَكَذَا قَطْعُ الْيَدِ عَلَى الْمَذْهَبِ.
الْأَمْرُ الثَّانِي فِي حُكْمِ قَتْلِهِ، فَإِذَا قَتَلَ قَاطِعُ الطَّرِيقِ خَطَأً، بِأَنْ رَمَى شَخْصًا فَأَصَابَ غَيْرَهُ، أَوْ شِبْهَ عَمْدٍ، لَمْ يَلْزَمْهُ الْقَتْلُ، وَتَكُونُ الدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ، وَإِنْ قَتَلَ عَمْدًا، فَقَدْ سَبَقَ أَنَّهُ يَتَحَتَّمُ قَتْلُهُ، وَاخْتَلَفُوا فِي حُكْمِ قَتْلِهِ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ وَهُوَ الْأَصَحُّ: هَذَا قَتْلٌ فِيهِ مَعْنَى الْقِصَاصِ وَمَعْنَى الْحُدُودِ؛ لِأَنَّهُ فِي مُقَابَلَةِ قَتْلٍ، وَلَكِنْ لَا يَصِحُّ الْعَفْوُ عَنْهُ وَيَتَعَلَّقُ اسْتِيفَاؤُهُ بِالسُّلْطَانِ، وَمَا الْمُغَلَّبُ مِنَ الْمَعْنَيَيْنِ؟ فِيهِ قَوْلَانِ، وَقَالَ آخَرُونَ: هَلْ يَتَمَحَّضُ حَقًّا لِلَّهِ تَعَالَى أَمْ فِيهِ أَيْضًا حَقُّ آدَمِيٍّ؟ قَوْلَانِ، أَظْهَرُهُمَا: الثَّانِي، وَيُقَالُ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ: أَصْلُ الْقَتْلِ فِي مُقَابَلَةِ الْقَتْلِ، وَالتَّحَتُّمُ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى، وَيَتَفَرَّعُ عَلَى هَذَا الْخِلَافِ صُوَرٌ.
مِنْهَا: لَوْ قَتَلَ قَاطِعُ الطَّرِيقِ مَنْ لَا يُكَافِئُهُ، كَابْنِهِ وَعَبْدٍ وَذِمِّيٍّ، فَإِنْ لَمْ يُرَاعِ مَعْنَى الْقِصَاصِ وَحَقَّ الْآدَمِيِّ، قَتَلْنَاهُ حَدًّا وَلَمْ نُبَالِ بِعَدَمِ الْكَفَاءَةِ، وَإِنْ رَاعَيْنَاهُ، لَمْ نَقْتُلْهُ بِهِ وَأَوْجَبْنَا الدِّيَةَ أَوِ الْقِيمَةَ، وَلَوْ قَتَلَ عَبْدٌ نَفْسَهُ، فَقَالَ ابْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ وَالْقَاضِي حُسَيْنٌ: هُوَ عَلَى الْخِلَافِ، وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ: لَا يُقْتَلُ قَطْعًا، كَمَا لَا يُقْطَعُ إِذَا أَخَذَ مَالَ نَفْسِهِ، وَاخْتَارَهُ الصَّيْدَلَانِيُّ.
وَمِنْهَا: لَوْ مَاتَ، فَإِنْ رَاعَيْنَا الْقِصَاصَ أَخَذْنَا الدِّيَةَ مِنْ تَرِكَتِهِ، وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ فِيهَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute