الْمَذْبُوحِ، وَرَأَى الْجَزْمَ بِالْمُبَادَرَةِ إِذَا أَمْكَنَ اسْتِيفَاءُ الْقِصَاصِ بَعْدَ الْقَطْعِ، أَمَّا إِذَا لَمْ يَجْتَمِعُوا عَلَى الطَّلَبِ، فَإِنْ أَخَّرَ مُسْتَحِقُّ النَّفْسِ حَقَّهُ، جُلِدَ، فَإِذَا بَرِأَ، قُطِعَ، وَإِنْ أَخَّرَ مُسْتَحِقُّ الطَّرْفِ حَقَّهُ، جُلِدَ، وَيَتَعَذَّرُ الْقَتْلُ لِحَقِّ مُسْتَحِقِّ الطَّرْفِ، وَعَلَى مُسْتَحِقِّ النَّفْسِ الصَّبْرُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ مُسْتَحِقُّ الطَّرْفِ حَقَّهُ، قَالَ الْغَزَالِيُّ: وَلَوْ مُكِّنَ مُسْتَحِقُّ النَّفْسِ مِنَ الْقَتْلِ، وَقِيلَ لِمُسْتَحِقِّ الطَّرْفِ: بَادِرْ وَإِلَّا ضَاعَ حَقُّكَ لِفَوَاتِ مَحَلِّهِ، لَمْ يَكُنْ بَعِيدًا، وَلَوْ بَادَرَ مُسْتَحِقُّ النَّفْسِ فَقَتَلَهُ، كَانَ مُسْتَوْفِيًا حَقَّهُ، وَرَجَعَ مُسْتَحِقُّ الطَّرْفِ إِلَى الدِّيَةِ، وَلَوْ أَخَّرَ مُسْتَحِقُّ الْجَلْدِ حَقَّهُ، فَقِيَاسُ مَا سَبَقَ أَنْ يَصْبِرَ الْآخَرَانِ، وَإِذَا اجْتَمَعَ عَلَيْهِ حُدُودُ قَذْفٍ لِجَمَاعَةٍ، حُدَّ لِكُلِّ وَاحِدٍ حَدًّا، وَلَا يُوَالَى بَلْ يُمْهَلُ بَعْدَ كُلِّ حَدٍّ حَتَّى يَبْرَأَ، هَكَذَا ذَكَرَهُ الْبَغَوِيُّ وَغَيْرُهُ، لَكِنَّهُ سَبَقَ فِي الْقِصَاصِ أَنَّهُ يُوَالَى بَيْنَ قَطْعِ الْأَطْرَافِ قِصَاصًا، وَقِيَاسُهُ أَنْ يُوَالَى بَيْنَ الْحُدُودِ، وَذَكَرُوا تَفْرِيعًا عَلَى الْأَوَّلِ الْوَجْهَيْنِ فِيمَا لَوْ وَجَبَ عَلَى عَبْدٍ حَدَّانِ لَقَذْفِ شَخْصَيْنِ، هَلْ يُوَالَى؟ أَصَحُّهُمَا عِنْدَ الْبَغَوِيِّ: لَا؛ لِأَنَّهُمَا حَدَّانِ، وَالثَّانِي: نَعَمْ؛ لِأَنَّهُمَا كَحَدِّ حُرٍّ، قَالَ الرُّويَانِيُّ: هَذَا أَقْرَبُ إِلَى الْمَذْهَبِ، وَأَمَّا تَرْتِيبُ حُدُودِ الْقَذْفِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ: إِنْ قَذَفَهُمْ مُرَتِّبًا، حُدَّ لِلْأَوَّلِ فَالْأَوَّلِ، وَإِنْ قَذْفَهُمْ بِكَلِمَةٍ وَقُلْنَا بِالْأَظْهَرِ: إِنَّهُ يَتَعَدَّدُ الْحَدُّ، أُقْرِعَ.
فَرْعٌ
اجْتَمَعَ عَلَيْهِ حُدُودٌ لِلَّهِ تَعَالَى، بِأَنْ شَرِبَ وَزَنَى وَهُوَ بِكْرٌ، وَسَرَقَ، وَلَزِمَهُ قَتْلٌ بِرِدَّةٍ، قُدِّمَ الْأَخَفُّ فَالْأَخَفَّ، وَتَجِبُ رِعَايَةُ هَذَا التَّرْتِيبِ وَالْإِمْهَالِ سَعَيَا فِي إِقَامَةِ الْجَمِيعِ، وَأَخَفُّهَا حَدُّ الشُّرْبِ، ثُمَّ يُمْهَلُ حَتَّى يَبْرَأَ، ثُمَّ يُجْلَدُ لِلزِّنَى، وَيُمْهَلُ، ثُمَّ يُقْطَعُ، فَإِذَا لَمْ يَبْقَ إِلَّا الْقَتْلُ، قُتِلَ وَلَمْ يُمْهَلْ، وَحَكَى أَبُو بَكْرٍ الطُّوسِيُّ وَجْهًا: أَنَّهُ إِذَا كَانَ فِيهَا قَتْلٌ يُوَالَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute