بِلَا إِمْهَالٍ، وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ، وَبِهِ قَطَعَ الْجُمْهُورُ، وَلَوِ اجْتَمَعَ مَعَهَا أَخْذُ مَالٍ فِي مُحَارَبَةٍ، قُطِعَتْ يَدُهُ وَرِجْلُهُ بَعْدَ جِلْدِ الزِّنَى، وَهَلْ يُوَالَى بَيْنَ قَطْعِ الْيَدِ وَالرِّجْلِ أَمْ يُؤَخَّرُ قَطْعُ الرِّجْلِ حَتَّى تَنْدَمِلَ الْيَدُ؟ وَجْهَانِ، أَحَدُهُمَا: يُؤَخَّرُ؛ لِأَنَّ الْيَدَ مَقْطُوعَةٌ عَنِ السَّرِقَةِ، وَالرِّجْلَ عَنِ الْمُحَارَبَةِ وَلَا يُوَالَى بَيْنَ حَدَّيْنِ، وَأَصَحُّهُمَا وَهُوَ الْمَنْصُوصُ: يُوَالَى؛ لِأَنَّ الْيَدَ تَقَعُ عَنِ الْمُحَارَبَةِ وَالسَّرِقَةِ، فَصَارَ كَمَا لَوِ انْفَرَدَتِ الْمُحَارَبَةُ، وَلَوِ اجْتَمَعَتْ عُقُوبَاتٌ لِلَّهِ تَعَالَى وَلِآدَمِيٍّ، بِأَنِ انْضَمَّ إِلَى هَذِهِ الْعُقُوبَاتِ حَدُّ قَذْفٍ، قُدِّمَ حَدُّ الْقَذْفِ عَلَى حَدِّ الزِّنَى، نُصَّ عَلَيْهِ، وَاخْتَلَفُوا لِمَ قُدِّمَ؟ فَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ وَجَمَاعَةٌ: لِأَنَّهُ حَقُّ آدَمِيٍّ، وَقَالَ ابْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ: لِأَنَّهُ أَخَفُّ، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ عِنْدَ الْأَصْحَابِ، وَفِيمَا يُقَدَّمُ مِنْ حَدِّ الشُّرْبِ وَالْقَذْفِ وَجْهَانِ بِنَاءً عَلَى الْمَعْنَيَيْنِ، وَيَجْرِيَانِ فِي حَدِّ الزِّنَى وَقِصَاصِ الطَّرْفِ وَالْإِمْهَالِ بَعْدَ كُلِّ عُقُوبَةٍ إِلَى الِانْدِمَالِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا، وَلَوْ كَانَ الْوَاجِبُ بَدَلَ قَتْلِ الرِّدَّةِ قَتْلُ قِصَاصٍ، فَالْقَوْلُ فِي التَّرْتِيبِ وَالْإِمْهَالِ كَذَلِكَ، وَلَوِ اجْتَمَعَ الرَّجْمُ لِلزِّنَى وَقَتْلُ قِصَاصٍ، فَهَلْ يُقْتَلُ رَجْمًا بِإِذْنِ الْوَلِيِ لِيَتَأَدَّى الْحَقَّانِ، أَمْ يُسَلَّمَ إِلَى الْوَلِيِ لِيَقْتُلَهُ قِصَاصًا؟ وَجْهَانِ، أَصَحُّهُمَا: الثَّانِي. وَلَوْ كَانَ الْوَاجِبُ قَتْلَ مُحَارَبَةٍ، فَهَلْ يَجِبُ التَّفْرِيقُ بَيْنَ الْحُدُودِ الْمُقَامَةِ قَبْلَ الْقَتْلِ؟ وَجْهَانِ، أَحَدُهُمَا: لَا؛ لِأَنَّهُ مُتَحَتِّمُ الْقَتْلِ، فَلَا مَعْنَى لِلْإِمْهَالِ بِخِلَافِ قَتْلِ الرِّدَّةِ وَالْقِصَاصِ، فَإِنَّهُ يُتَوَقَّعُ الْإِسْلَامُ وَالْعَفْوُ، وَأَصَحُّهُمَا: نَعَمْ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَمُوتُ بِالْمُوَالَاةِ، فَتَفُوتُ سَائِرُ الْحُدُودِ، وَلَوِ اجْتَمَعَ قَتْلُ مُحَارَبَةٍ مَعَ قِصَاصٍ فِي غَيْرِ مُحَارِبَةٍ، نُظِرَ إِنْ سَبَقَ قَتْلُ الْمُحَارَبَةِ، قُتِلَ حَدًّا، وَيَعْدِلُ صَاحِبُ الْقِصَاصِ إِلَى الدِّيَةِ، وَإِنْ سَبَقَ قَتْلُ الْقِصَاصِ، خُيِّرَ الْوَلِيُّ فِيهِ، فَإِنْ عَفَا، قُتِلَ وَصُلِبَ لِلْمُحَارِبَةِ، وَإِنِ اقْتَصَّ، عَدَلَ لِقَتْلِ الْمُحَارَبَةِ إِلَى الدِّيَةِ، وَهَلْ يُصْلَبُ؟ فِيهِ الْخِلَافُ الْمَذْكُورُ فِيمَا إِذَا مَاتَ الْمُحَارَبُ قَبْلَ قَتْلِهِ، وَلَوْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute