الْأَوَّلُ: الْمُلْتَزِمُ، فَلَا حَدَّ عَلَى صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ وَحَرْبِيٍّ، وَالْمَذْهَبُ أَنَّ الذِّمِّيَّ لَا يُحَدُّ بِالْخَمْرِ، وَأَنَّ الْحَنَفِيَّ يُحَدُّ بِشُرْبِ النَّبِيذِ وَإِنْ كَانَ لَا يَعْتَقِدُ تَحْرِيمُهُ، وَيَأْتِي فِي الشَّهَادَةِ إِنْ شَرِبَ الْحَنَفِيُّ النَّبِيذَ هَلْ يَفْسُقُ بِهِ وَتُرَدُّ شَهَادَتُهُ؟ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
الثَّانِي: قَوْلُنَا: شَرِبَ مَا يُسْكِرُ جِنْسُهُ يَخْرُجُ بِلَفْظِ الشُّرْبِ مَا لَوِ احْتَقَنَ، أَوِ اسْتَعَطَ بِالْخَمْرِ، فَلَا حَدَّ؛ لِأَنَّ الْحَدَّ لِلزَّجْرِ، وَلَا حَاجَةَ فِيهِ إِلَى الزَّجْرِ، وَقِيلَ: يُحَدُّ، وَقِيلَ: يُحَدُّ فِي السَّعُوطِ دُونَ الْحُقْنَةِ، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ، وَيَتَعَلَّقُ بِكَوْنِ الْمَشْرُوبِ مُسْكِرًا فِي جِنْسِهِ صُوَرٌ: مِنْهَا: أَنَّهُ يَدْخُلُ فِيهِ النَّبِيذُ وَدِرْدِيُّ الْخَمْرِ وَالثَّخِينُ مِنْهَا إِذَا أَكَلَهُ بِخُبْزٍ، أَوْ ثَرَدَ فِيهَا وَأَكَلَ الثَّرِيدَ، أَوْ طَبَخَ بِهَا، وَأَكَلَ الْمَرَقَ، فَيُحَدُّ بِكُلِّ ذَلِكَ، وَلَا يُحَدُّ بِأَكْلِ اللَّحْمِ الْمَطْبُوخِ بِهَا، وَلَا بِأَكْلِ خُبْزٍ أَوْ مَعْجُونٍ عُجِنَ بِهَا عَلَى الصَّحِيحِ فِيهِمَا، وَعَلَى هَذَا قَالَ الْإِمَامُ: مَنْ شَرِبَ كُوزَ مَاءٍ فِيهِ قَطَرَاتُ خَمْرٍ وَالْمَاءُ غَالِبٌ، لَمْ يُحَدُّ لِاسْتِهْلَاكِ الْخَمْرِ.
الثَّالِثُ: كَوْنُ الشَّارِبِ مُخْتَارًا، فَلَا حَدَّ عَلَى مَنْ أُوجِرَ قَهْرًا، وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ لَا يُحَدُّ مَنْ أُكْرِهَ حَتَّى شَرِبَ، وَذَكَرَ ابْنُ كَجٍّ فِيهِ وَجْهَيْنِ.
الرَّابِعُ: أَنْ لَا يَكُونَ مُضْطَرًّا، فَلَوْ غَصَّ بِلُقْمَةٍ، وَلَمْ يَجِدْ مَا يُسِيغُهَا غَيْرَ الْخَمْرِ، وَجَبَ عَلَيْهِ إِسَاغَتُهَا بِالْخَمْرِ وَلَا حَدَّ، وَحَكَى إِبْرَاهِيمُ الْمَرْوَذِيُّ فِي تَحْرِيمِ الْإِسَاغَةِ وَجْهَيْنِ لِعُمُومِ النَّهْيِ، وَالْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ، وَأَمَّا شُرْبُهَا لِلتَّدَاوِي وَالْعَطَشِ وَالْجُوعِ إِذَا لَمْ يَجِدْ غَيْرَهَا فَفِيهِ أَوْجُهٌ، أَصَحُّهَا وَالْمَنْصُوصُ وَقَوْلُ الْأَكْثَرِينَ: لَا يَجُوزُ لِعُمُومِ النَّهْيِ، وَلِأَنَّ بَعْضَهَا يَدْعُو إِلَى بَعْضٍ. وَالثَّانِي: يَجُوزُ كَمَا يَجُوزُ شُرْبُ الْبَوْلِ وَالدَّمِ لِذَلِكَ، وَكَمَا يُتَدَاوَى بِالنَّجَاسَاتِ، كَلَحْمِ الْحَيَّةِ وَالسَّرَطَانِ وَالْمَعْجُونِ فِيهِ خَمْرٌ. وَالثَّالِثُ: يَجُوزُ لِلتَّدَاوِي دُونَ الْعَطَشِ وَالْجُوعِ، وَرَجَّحَهُ الرُّويَانِيُّ. وَالرَّابِعُ: عَكْسُهُ؛ لِأَنَّ دَفْعَ الْعَطَشِ مَوْثُوقٌ بِهِ فِي الْحَالِ، وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ عِنْدَ الْإِمَامِ، وَنَقَلَ اتِّفَاقَ الْأَصْحَابِ عَلَى تَحْرِيمِ التَّدَاوِي، قَالَ: وَبَلَغَنَا عَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute