للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

آحَادٍ مِنَ الْمُتَأَخِّرِينَ الْقَوْلَ بِجَوَازِهِ مِنْ غَيْرِ تَدْوِينٍ فِي كِتَابٍ. وَالْخَامِسُ: يَجُوزُ لِلْعَطَشِ دُونَ الْجُوعِ؛ لِأَنَّهَا تَحْرِقُ كَبِدَ الْجَائِعِ، ثُمَّ الْخِلَافُ فِي التَّدَاوِي مَخْصُوصٌ بِالْقَلِيلِ الَّذِي لَا يُسْكِرُ، وَيُشْتَرَطُ خَبَرُ طَبِيبٍ مُسْلِمٍ، أَوْ مَعْرِفَةُ الْمُتَدَاوِي إِنْ عَرَفَ، وَيُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَجِدَ مَا يَقُومُ مَقَامَهَا، وَيُعْتَبَرُ هَذَانِ الشَّرْطَانِ فِي تَنَاوُلِ سَائِرِ الْأَعْيَانِ النَّجِسَةِ، وَلَوْ قَالَ الطَّبِيبُ: يُتَعَجَّلُ بِهَا الشِّفَاءُ، فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ كَرَجَاءِ الشِّفَاءِ، ثُمَّ قَالَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ وَالْغَزَالِيُّ: لَا حَدَّ عَلَى الْمُتَدَاوِي وَإِنْ حَكَمْنَا بِالتَّحْرِيمِ لِشُبْهَةِ الْخِلَافِ، وَقَالَ الْإِمَامُ: أَطْلَقَ الْأَئِمَّةُ الْمُعْتَبِرُونَ أَقْوَالَهُمْ فِي طُرُقِهِمْ أَنَّ التَّدَاوِيَ حَرَامٌ مُوجِبٌ لِلْحَدِّ، وَإِذَا جَوَّزْنَا الشُّرْبَ لِلْعَطَشِ، لَزِمَهُ الشُّرْبُ، كَتَنَاوُلِ الْمَيِّتَةِ لِلْمُضْطَرِّ وَلَا حَدَّ، وَإِذَا لَمْ نُجَوِّزْهُ، فَفِي الْحَدِّ الْخِلَافُ كَالتَّدَاوِي.

الْخَامِسُ: أَنْ لَا يَكُونَ لَهُ عُذْرٌ فِي الشُّرْبِ، فَلَوْ شَرِبَ قَرِيبُ عَهْدٍ بِالْإِسْلَامِ وَادَّعَى جَهْلَ التَّحْرِيمِ، لَمْ يُحَدْ، فَلَوْ قَالَ: عَلِمَتُ التَّحْرِيمَ وَجَهِلَتُ الْحَدَّ، وَجَبَ الْحَدُّ، وَلَوْ شَرِبَ خَمْرًا وَهُوَ يَظُنُّ أَنَّهُ يَشْرَبُ غَيْرَ مُسْكِرٍ فِي جِنْسِهِ، فَلَا حَدَّ، وَإِنْ سَكِرَ مِنْهُ لَمْ يَلْزَمْهُ قَضَاءُ الصَّلَوَاتِ، كَالْمُغْمَى عَلَيْهِ، وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ مِنْ جِنْسِ الْمُسْكِرِ، وَظَنَّ أَنَّ ذَلِكَ الْقَدْرَ لَا يُسْكِرُ، حُدَّ، وَلَزِمَهُ قَضَاءُ الصَّلَوَاتِ الْفَائِتَةِ فِي السُّكْرِ.

فَرْعٌ

إِنَّمَا يَجِبُ الْحَدُّ إِذَا ثَبَتَ الشُّرْبُ بِإِقْرَارِهِ أَوْ شَهَادَةِ رَجُلَيْنِ، وَفِي تَعْلِيقِ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ أَنَّهُ يَجِبُ أَيْضًا إِذَا عَلِمْنَا شُرْبَهُ الْمُسْكِرَ، بِأَنْ رَأَيْنَاهُ شَرِبَ مِنْ شَرَابِ إِنَاءٍ شَرِبَ مِنْهُ غَيْرُهُ فَسَكِرَ، وَلِيَكُنْ هَذَا مَبْنِيًّا عَلَى أَنَّ الْقَاضِيَ يَقْضِي بِعِلْمِهِ، وَلَا تَعْوِيلَ عَلَى النَّكْهَةِ وَظُهُورِ الرَّائِحَةِ مِنْهَا، وَلَا عَلَى مُشَاهَدَةِ سُكْرِهِ وَتَقَيُّئِهِ الْخَمْرَ؛ لِاحْتِمَالِ غَلَطٍ أَوْ إِكْرَاهٍ، ثُمَّ صِيغَةُ الْمُقِرِّ وَالشَّاهِدِ إِنْ كَانَتْ مُفَصَّلَةً بِأَنْ قَالَ: شَرِبَتُ الْخَمْرَ، أَوْ شَرِبَتُ مَا شَرِبَ مِنْهُ غَيْرِي، فَسَكِرَ مِنْهُ، وَأَنَا بِهِ عَالِمٌ مُخْتَارٌ، وَفَصَّلَ الشَّاهِدِ

<<  <  ج: ص:  >  >>