وَالْحَالَةُ هَذِهِ أَنَّهُ لَا يَقْطَعُ مِنْ طِفْلِهِ، وَأَمَّا مَا لَا خَطَرَ فِيهِ وَلَا خَوْفَ غَالِبًا، كَالْفَصْدِ وَالْحِجَامَةِ وَقَطْعِ سِلْعَةٍ بِلَا خَطَرٍ، فَيَجُوزُ فِعْلُهُ لِلْوَلِيِّ الْخَاصِّ، وَكَذَا لِلسُّلْطَانِ، وَفِي «التَّهْذِيبِ» وَجْهٌ أَنَّ الْقَطْعَ الْمُخْطِرَ لَا يَجُوزُ لِلْوَلِيِّ الْخَاصِّ، وَفِي «جَمْعِ الْجَوَامِعِ» لِلرُّويَانِيِّ وَجْهٌ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلسُّلْطَانِ الْفَصْدُ وَالْحِجَامَةُ، وَالصَّحِيحُ مَا سَبَقَ، وَلَيْسَ لِلْأَجْنَبِيِّ الْمُعَالَجَةُ وَلَا الْقَطْعُ الْمُخْطِرُ بِحَالٍ، وَلَوْ فَعَلَ، فَسَرَى وَمَاتَ بِهِ، تَعَلَّقَ بِفِعْلِهِ الْقِصَاصُ وَالضَّمَانُ، وَأَمَّا السُّلْطَانُ إِذَا فَعَلَ بِالصَّبِيِّ مَا مَنَعْنَاهُ، فَسَرَى إِلَى نَفْسِهِ، فَعَلَيْهِ الدِّيَةُ مُغْلَظَةً فِي مَالِهِ، لِتَعَدِّيهِ، وَقِيلَ: فِي كَوْنِهِ فِي بَيْتِ الْمَالِ، أَوْ عَلَى عَاقِلَتِهِ الْقَوْلَانِ، كَمَا لَوْ أَخْطَأَ؛ لِأَنَّهُ قَصَدَ الْإِصْلَاحَ، وَالْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ، وَفِي وُجُوبِ الْقِصَاصِ قَوْلَانِ، أَظْهَرُهُمَا: لَا يَجِبُ؛ لِأَنَّهُ قَصَدَ الْإِصْلَاحَ، وَاسْتَبْعَدَ الْأَئِمَّةُ وُجُوبَ الْقِصَاصِ، وَقَالَ صَاحِبُ «الْإِفْصَاحِ» : الْقَوْلَانِ إِذَا كَانَ لِلصَّبِيِّ أَبٌ أَوْ جَدٌّ، فَإِنْ لَمْ يَكُونَا فَلَا قَوَدَ بِلَا خِلَافٍ؛ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ لَهُ مِمَّنْ يَقُومُ بِشَأْنِهِ، وَهَذَا رَاجِعٌ إِلَى أَنَّ لِلسُّلْطَانِ قَطْعَ السِّلْعَةِ، وَلَوْ قَطَعَ الْأَبُ وَالْجَدُّ السِّلْعَةَ حَيْثُ لَا يَجُوزُ، فَمَاتَ، فَلَا قِصَاصَ لِلْبَعْضِيَّةِ، وَتَجِبُ الدِّيَةُ فِي مَالِهِ، وَقِيلَ: لَا ضَمَانَ عَلَى الْأَبِ أَصْلًا؛ لِأَنَّ وِلَايَتَهُ أَتَمُّ وَإِنَّمَا يَقْطَعُهَا لِلشَّفَقَةِ، وَأَمَّا مَا يَجُوزُ لِلْأَبِ وَالسُّلْطَانِ مِنْ فَصْدِ الصَّغِيرِ وَحِجَامَتِهِ وَقَطْعِ سِلْعَتِهِ لِلْأَبِ إِذَا أَفْضَى إِلَى تَلَفٍ، فَلَا ضَمَانَ فِيهِ عَلَى الْأَصَحِّ، وَبِهِ قَالَ الْجَمَاهِيرُ، لِئَلَّا يَمْتَنِعَ مِنْ ذَلِكَ، فَيَتَضَرَّرُ الصَّغِيرُ بِخِلَافِ التَّعْزِيرِ.
الثَّالِثَةُ: الْخِتَانُ وَاجِبٌ فِي حَقِّ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ، وَقِيلَ: سُنَّةٌ، وَقِيلَ: وَاجِبٌ فِي الرَّجُلِ، سُنَّةٌ فِي الْمَرْأَةِ، وَالصَّحِيحُ الْمَعْرُوفُ هُوَ الْأَوَّلُ، وَخِتَانُ الرَّجُلِ: قَطْعُ الْجِلْدَةِ الَّتِي تُغَطِّي الْحَشَفَةَ حَتَّى تَنْكَشِفَ جَمِيعُ الْحَشَفَةِ، وَيُقَالُ لِتِلْكَ الْجِلْدَةِ: الْقُلْفَةُ، قَالَ الْإِمَامُ: فَلَوْ بَقِيَ مِقْدَارٌ يَنْبَسِطُ عَلَى سَطْحِ الْحَشَفَةِ، وَجَبَ قَطْعُهُ، حَتَّى لَا يَبْقَى جِلْدٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute