للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثَّالِثُ: الِاسْتِصْلَاحُ بِقَطْعِ سِلْعَةٍ وَبِالْخِتَانِ وَفِيهِ مَسَائِلُ: إِحْدَاهَا: فِي حُكْمِ قَطْعِ السِّلْعَةِ مِنَ الْعَاقِلِ الْمُسْتَقِلِّ بِأَمْرِ نَفْسِهِ، وَالسِّلْعَةُ بِكَسْرِ السِّينِ وَهِيَ غُدَّةٌ تَخْرُجُ بَيْنَ اللَّحْمِ وَالْجِلْدَةِ نَحْوُ الْحِمْصَةِ إِلَى الْجَوْزَةِ فَمَا فَوْقَهَا، وَقَدْ يُخَافُ مِنْهَا، وَقَدْ لَا يُخَافُ، لَكِنْ تُشِينُ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي قَطْعِهَا خَطْرٌ، وَأَرَادَ الْمُسْتَقِلُّ قَطْعَهَا لِإِزَالَةِ الشَّيْنِ، فَلَهُ قَطْعُهَا بِنَفْسِهِ، وَلِغَيْرِهِ بِإِذْنِهِ، وَإِنْ كَانَ فِي قَطْعِهَا خَطْرٌ، نُظِرَ إِنْ لَمْ يَكُنْ فِي بَقَائِهَا خَطَرٌ، لَمْ يَجُزِ الْقَطْعُ لِإِزَالَةِ الشَّيْنِ، فَإِنْ كَانَ فِي بَقَائِهَا خَوْفٌ أَيْضًا، نُظِرَ إِنْ كَانَ الْخَطَرُ فِي الْقَطْعِ أَكْثَرَ، لَمْ يَجُزِ الْقَطْعُ، وَإِنْ كَانَ فِي الْإِبْقَاءِ أَكْثَرَ، جَازَ الْقَطْعُ عَلَى الصَّحِيحِ، وَقِيلَ: لَا؛ لِأَنَّهُ فَتْحُ بَابِ الرُّوحِ بِخِلَافِ الْإِبْقَاءِ، وَإِنْ تَسَاوَى الْخَطَرُ، جَازَ الْقَطْعُ عَلَى الْأَصَحِّ؛ إِذْ لَا مَعْنَى لِلْمَنْعِ مِمَّا لَا خَطَرَ فِيهِ، وَأَمَّا مَنْ عَظُمَتْ آلَامُهُ وَلَمْ يُطِقْهَا، فَأَرَادَ أَنْ يُرِيحَ نَفْسَهُ بِمُهْلِكٍ مُذَفَّفٍ، فَيَحْرُمُ ذَلِكَ، فَلَوْ وَقَعَ فِي نَارٍ عَلِمَ أَنَّهُ لَا يَنْجُو مِنْهَا، وَأَمْكَنَهُ أَنْ يُلْقِيَ نَفْسَهُ فِي بَحْرٍ، وَرَأَى ذَلِكَ أَهْوَنَ عَلَيْهِ مِنَ الصَّبْرِ عَلَى لَفَحَاتِ النَّارِ، فَلَهُ ذَلِكَ عَلَى الْأَصَحِّ، وَهُوَ قَوْلُ الشَّيْخِ أَبِي مُحَمَّدٍ، وَلَوْ تَآكَلَ بَعْضُ الْأَعْضَاءِ، فَهُوَ كَسِلْعَةٍ يَخَافُ مِنْهَا، وَلَوْ قَطَعَ السِّلْعَةَ، أَوِ الْعُضْوَ الْمُتَآكِلَ مِنَ الْمُسْتَقِلِّ قَاطِعٌ بِغَيْرِ إِذْنِهِ، فَمَاتَ، لَزِمَهُ الْقِصَاصُ، سَوَاءٌ فِيهِ الْإِمَامُ وَغَيْرُهُ؛ لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ.

الثَّانِيَةُ: الْمُوَلَّى عَلَيْهِ لِصِغَرٍ أَوْ جُنُونٍ، يَجُوزُ لِوَلِيِّهِ الْخَاصِّ وَهُوَ الْأَبُ وَالْجَدُّ أَنْ يَقْطَعَ مِنَ السِّلْعَةِ وَالْيَدِ الْمُتَآكِلَةِ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ خَوْفٌ وَخَطَرٌ إِذَا كَانَ الْخَطَرُ فِي التَّرْكِ أَكْثَرَ، وَلَيْسَ لِلسُّلْطَانِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْقَطْعَ يَحْتَاجُ إِلَى نَظَرٍ دَقِيقٍ، وَفَرَاغٍ تَامٍّ، وَشَفَقَةٍ كَامِلَةٍ، كَمَا أَنَّ لِلْأَبِ وَالْجَدِّ تَزْوِيجَ الْبِكْرِ الصَّغِيرَةِ دُونَ السُّلْطَانِ، قَالَ الْإِمَامُ: وَقَدْ ذَكَرْنَا عِنْدَ اسْتِوَاءِ الطَّرَفَيْنِ فِي الْخَوْفِ خِلَافًا فِي أَنَّ الْمُسْتَقِلَّ هَلْ لَهُ الْقَطْعُ مِنْ نَفْسِهِ، وَالْأَصَحُّ

<<  <  ج: ص:  >  >>