فِي مَالِهِ، أَوْ عَلَى عَاقِلَتِهِ، وَأَمَّا الضَّمَانُ الْوَاجِبُ بِخَطَئِهِ فِي الْأَحْكَامِ وَإِقَامَةِ الْحُدُودِ، فَهَلْ هُوَ عَلَى عَاقِلَتِهِ، أَمْ فِي بَيْتِ الْمَالِ؟ قَوْلَانِ، أَظْهَرُهُمَا: عَلَى عَاقِلَتِهِ وَقَدْ سَبَقَا فِي بَابِ الْعَاقِلَةِ، فَإِنْ قُلْنَا: عَلَى الْعَاقِلَةِ، فَالْكَفَّارَةُ فِي مَالِهِ، وَإِنْ قُلْنَا: عَلَى بَيْتِ الْمَالِ، فَهَلِ الْكَفَّارَةُ فِي بَيْتِ الْمَالِ أَمْ فِي مَالِهِ؟ وَجْهَانِ، فَلَوْ ضَرَبَ الْإِمَامُ فِي الْخَمْرِ ثَمَانِينَ، وَمَاتَ الْمَجْلُودُ، فَفِي مَحَلِّ الضَّمَانِ الْقَوْلَانِ وَلَوْ جَلَدَ حَامِلًا حَدًّا، فَأَلْقَتْ جَنِينًا مَيِّتًا، فَفِي مَحَلِّ الْغُرَّةِ الْقَوْلَانِ، إِنْ جَهِلَ حَمْلَهَا، فَإِنْ عَلِمَهُ، فَقِيلَ: بِالْقَوْلَيْنِ، وَالْمَذْهَبُ أَنَّهَا عَلَى عَاقِلَتِهِ؛ لِأَنَّهُ عَدَلَ عَنِ الصَّوَابِ عَمْدًا، وَلَوِ انْفَصَلَ حَيَّا وَمَاتَ وَجَبَ كُلُّ الدِّيَةِ وَمَحَلُّهَا عَلَى مَا ذَكَرْنَا، وَلَوْ مَاتَتِ الْحَامِلُ، فَقَدْ أُطْلِقَ فِي «الْمُخْتَصَرِ» أَنُّهُ لَا يَضْمَنُهَا، قَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَغَيْرُهُ: إِنْ مَاتَتْ مِنَ الْجَلْدِ وَحْدَهُ، بِأَنْ مَاتَتْ قَبْلَ الْإِجْهَاضِ، فَلَا ضَمَانَ وَهُوَ مَوْضِعُ النَّصِّ، وَذَكَرَ ابْنُ الصَّبَّاغِ أَنَّ فِيهِ وَالْحَالَةُ هَذِهِ الْخِلَافُ فِيمَا لَوْ حَدَّهُ فِي حَرٍّ مُفْرِطٍ، فَمَاتَ، وَإِنْ مَاتَتْ مِنَ الْإِجْهَاضِ وَحْدَهُ، بِأَنْ أَجْهَضَتْ، ثُمَّ مَاتَتْ، وَأُحِيلَ الْمَوْتُ عَلَى الْإِجْهَاضِ، وَجَبَ كَمَالُ دِيَتِهَا، وَإِنْ قِيلَ: مَاتَتْ بِالْحَدِّ وَالْإِجْهَاضِ جَمِيعًا، وَجَبَ نِصْفُ دِيَتِهَا.
فَرْعٌ
سَنَذْكُرُ فِي الشَّهَادَاتِ - إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ الْقَاضِيَ إِذَا حَكَمَ بِشَهَادَةِ اثْنَيْنِ، ثُمَّ بَانَا عَبْدَيْنِ أَوْ ذِمِّيَّيْنِ، نَقَضَ الْحُكْمَ، وَإِنْ بَانَا فَاسِقَيْنِ، نَقَضَهُ عَلَى الْأَظْهَرِ، فَلَوْ أَقَامَ الْحَدَّ بِشَهَادَةِ اثْنَيْنِ، ثُمَّ بَانَا ذِمِّيَّيْنِ أَوْ عَبْدَيْنِ أَوِ امْرَأَتَيْنِ أَوْ مُرَاهِقَيْنِ أَوْ فَاسِقَيْنِ، وَمَاتَ الْمَحْدُودُ، فَقَدْ بَانَ بَطَلَانُ الْحُكْمِ، فَيُنْظَرُ إِنْ قَصَّرَ فِي الْبَحْثِ عَنْ حَالِهِمَا، فَالضَّمَانُ عَلَيْهِ لَا يَتَعَلَّقُ بِبَيْتِ الْمَالِ وَلَا بِالْعَاقِلَةِ أَيْضًا إِنْ تَعَمَّدَ، قَالَ الْإِمَامُ: وَإِنَّمَا يَتَرَدَّدُ فِي وُجُوبِ الْقِصَاصِ، وَالرَّاجِحُ الْوُجُوبُ؛ لِأَنَّ الْهُجُومَ عَلَى الْقَتْلِ مَمْنُوعٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute