مِنْهُ بِالْإِجْمَاعِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يَجِبَ بِإِسْنَادِهِ الْقَتْلُ إِلَى صُورَةِ الْبَيِّنَةِ، وَإِنْ لَمْ يُقَصِّرْ فِي الْبَحْثِ، بَلْ بَذَلَ وُسْعَهُ، جَرَى الْقَوْلَانِ فِي أَنَّ الضَّمَانَ عَلَى عَاقِلَتِهِ أَمْ فِي بَيْتِ الْمَالِ ثُمَّ إِذَا ضَمِنَتِ الْعَاقِلَةُ أَوْ بَيْتُ الْمَالِ، فَهَلْ يَثْبُتُ الرُّجُوعُ عَلَى الشَّاهِدَيْنِ؟ فِيهِ أَوْجُهٌ، أَحَدُهَا: نَعَمْ؛ لِأَنَّهُمَا غَرَّا الْقَاضِيَ، وَأَصَحُّهُمَا: لَا؛ لِأَنَّهُمَا يَزْعُمَانِ أَنَّهُمَا صَادِقَانِ، وَلَمْ يُوجَدْ مِنْهُمَا تَعَدٍّ، وَقَدْ يُنْسَبُ الْقَاضِي إِلَى تَقْصِيرٍ فِي الْبَحْثِ. وَالثَّالِثُ: يَثْبُتُ الرُّجُوعُ لِلْعَاقِلَةِ دُونَ بَيْتِ الْمَالِ، فَإِنْ أَثْبَتْنَا الرُّجُوعَ، طُولِبَ الذِّمِّيَّانِ فِي الْحَالِ، وَفِي الْعَبْدَيْنِ يَتَعَلَّقُ بِذِمَّتِهِمَا عَلَى الْأَصَحِّ، وَقِيلَ: بِالرَّقَبَةِ، وَأَمَّا الْمُرَاهِقَانِ، فَإِنْ قُلْنَا: يَتَعَلَّقُ بِرَقَبَةِ الْعَبْدَيْنِ نَزَّلْنَا مَا وُجِدَ مِنْهُمَا مَنْزِلَةَ الْإِتْلَافِ، وَإِلَّا فَقَوْلُ الصَّبِيِّ لَا يَصْلُحُ لِلِالْتِزَامِ، فَلَا رُجُوعَ، وَإِنْ بَانَا فَاسِقَيْنِ، فَإِنْ قُلْنَا: لَا يَنْقُضُ الْحُكْمَ، فَلَا أَثَرَ لَهُ، وَإِنْ قُلْنَا: يَنْقُضُ، فَفِي الرُّجُوعِ عَلَيْهِمَا أَوْجُهٌ، أَحَدُهَا: نَعَمْ كَالْعَبْدَيْنِ، وَالثَّانِي: لَا؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ مَأْمُورٌ بِإِظْهَارِ حَالِهِ بِخِلَافِ الْفَاسِقِ، وَأَصَحُّهَا: إِنْ كَانَ مُجَاهِرًا بِالْفِسْقِ، ثَبَتَ الرُّجُوعُ؛ لِأَنَّ عَلَيْهِ أَنْ يَمْتَنِعَ مِنَ الشَّهَادَةِ، وَلِأَنَّ قَبُولَ شَهَادَتِهِ مَعَ مُجَاهَرَتِهِ يُشْعِرُ بِتَعْزِيرِهِ، وَإِنْ كَانَ مُكَاتِمًا، فَلَا.
فَرْعٌ
قَتْلُ الْجَلَّادِ وَضَرْبُهُ بِأَمْرِ الْإِمَامِ كَمُبَاشَرَةِ الْإِمَامِ إِذَا لَمْ يَعْلَمْ ظُلْمَهُ وَخَطَأَهُ، وَيَتَعَلَّقُ الضَّمَانُ وَالْقِصَاصُ بِالْإِمَامِ دُونَ الْجَلَّادِ؛ لِأَنَّهُ آلَتُهُ، وَلَوْ ضَمِنَاهُ لَمْ يَتَوَلَّ الْجَلْدَ أَحَدٌ، وَإِنْ عَلِمَ أَنَّ الْإِمَامَ ظَالِمٌ أَوْ مُخْطِئٌ، وَلَمْ يُكْرِهْهُ الْإِمَامُ عَلَيْهِ فَالْقِصَاصُ وَالضَّمَانُ عَلَى الْجَلَّادِ دُونَ الْإِمَامِ، لِأَنَّهُ إِذَا عَلِمَ الْحَالَ لَزِمَهُ الِامْتِنَاعُ وَيَجِيءُ عَلَى قَوْلِنَا: أَمْرُ الْإِمَامِ إِكْرَاهٌ، أَنَّ يَكُونَ هَذَا كَمَا لَوْ أَكْرَهَهُ، وَإِنْ أَكْرَهَهُ، فَالضَّمَانُ عَلَيْهِمَا، وَإِنِ اقْتَضَى الْحَالُ الْقِصَاصَ، وَجَبَ عَلَى الْإِمَامِ، وَفِي الْجَلَّادِ قَوْلَانِ، وَلَوْ أَمَرَهُ بِضَرْبِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute