شَرَعَ فِيهَا؟ وَجْهَانِ، قَالَ الْقَفَّالُ: لَا، وَقَالَ الْجُمْهُورُ: نَعَمْ، وَهُوَ الْأَصَحُّ، قَالَ الْغَزَالِيُّ: الْأَصَحُّ أَنَّ الْعِلْمَ وَسَائِرَ فُرُوضِ الْكِفَايَةِ تَتَعَيَّنُ بِالشُّرُوعِ.
الضَّرْبُ الثَّانِي: الْجِهَادُ الَّذِي هُوَ فَرْضُ عَيْنٍ، فَإِذَا وَطِئَ الْكُفَّارُ بَلْدَةً لِلْمُسْلِمِينَ، أَوْ أَطَلُّوا عَلَيْهَا، وَنَزَلُوا بَابَهَا قَاصِدِينَ، وَلَمْ يَدْخُلُوا، صَارَ الْجِهَادُ فَرْضَ عَيْنٍ عَلَى التَّفْصِيلِ الَّذِي نُبَيِّنُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَعَنِ ابْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ يَبْقَى فَرْضَ كِفَايَةٍ، وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ، فَيَتَعَيَّنُ عَلَى أَهْلِ تِلْكَ الْبَلْدَةِ الدَّفْعُ بِمَا أَمْكَنَهُمْ، وَلِلدَّفْعِ مَرْتَبَتَانِ.
إِحْدَاهُمَا: أَنْ يَحْتَمِلَ الْحَالُ اجْتِمَاعَهُمْ وَتَأَهُّبَهُمْ وَاسْتِعْدَادَهُمْ لِلْحَرْبِ، فَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْأَغْنِيَاءِ وَالْفُقَرَاءِ التَّأَهُّبُ بِمَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ، وَإِذَا لَمْ يُمْكِنْهُمُ الْمُقَاوَمَة إِلَّا بِمُوَافَقَةِ الْعَبِيدِ، وَجَبَ عَلَى الْعَبِيدِ الْمُوَافَقَةُ، فَيَنْحَلُّ الْحَجْرُ عَنِ الْعَبِيدِ حَتَّى لَا يُرَاجِعُوا السَّادَاتِ، وَإِنْ أَمْكَنَهُمُ الْمُقَاوَمَةُ مِنْ غَيْرِ مُوَافِقَةِ الْعَبِيدِ، فَوَجْهَانِ، أَصَحُّهُمَا: أَنَّ الْحُكْمَ كَذَلِكَ، لِتَقْوَى الْقُلُوبُ، وَتَعْظُمُ الشَّوْكَةُ، وَتَشْتَدُّ النِّكَايَةُ، وَالثَّانِي: لَا يَنْحَلُّ الْحَجْرُ عَنْهُمْ لِلِاسْتِغْنَاءِ عَنْهُمْ. وَالنِّسْوَةُ إِنْ لَمْ تَكُنْ فِيهِنَّ قُوَّةُ دِفَاعٍ لَا يَحْضُرْنَ، وَإِنْ كَانَ فَعَلَى مَا ذَكَرْنَا فِي الْعَبِيدِ، وَيَجُوزُ أَنْ لَا يَحُوجَ الْمُزَوَّجَةُ إِلَى إِذْنِ الزَّوْجِ، كَمَا لَا يُحْوَجُ إِلَى إِذْنِ السَّيِّدِ، وَلَا يَجِبُ فِي هَذَا النَّوْعِ اسْتِئْذَانُ الْوَالِدَيْنِ وَصَاحِبِ الدَّيْنِ.
الْمَرْتَبَةُ الثَّانِيَةُ: أَنْ يَتَغَشَّاهُمِ الْكُفَّارُ، وَلَا يَتَمَكَّنُوا مِنَ اجْتِمَاعٍ وَتَأَهُّبٍ، فَمَنْ وَقَفَ عَلَيْهِ كَافِرٌ، أَوْ كُفَّارٌ، وَعَلِمَ أَنَّهُ يُقْتَلُ إِنْ أُخِذَ، فَعَلَيْهِ أَنْ يَتَحَرَّكَ، وَيَدْفَعَ عَنْ نَفْسِهِ بِمَا أَمْكَنَ، يَسْتَوِي فِيهِ الْحُرُّ وَالْعَبْدُ، وَالْمَرْأَةُ وَالْأَعْمَى، وَالْأَعْرَجُ، وَالْمَرِيضُ، وَلَا تَكْلِيفَ عَلَى الصِّبْيَانِ وَالْمَجَانِينِ، وَإِنْ كَانَ يَجُوزُ أَنْ يُقْتَلَ وَيُؤْسَرَ، وَلَوِ امْتَنَعَ لِقَتْلٍ، جَازَ أَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute