يَسْتَحِقَّ جَوَابًا، فَمِنْ تِلْكَ الْأَحْوَالِ، أَنَّهُ لَا يُسَلِّمُ عَلَى مَنْ يَقْضِي حَاجَتَهُ، وَلَا عَلَى مَنْ فِي الْحَمَّامِ، قَالَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ وَالْمُتَوَلِّي: لَا يُسَلِّمُ عَلَى مُشْتَغِلٍ بِالْأَكْلِ، وَرَأَى الْإِمَامُ حَمْلَ ذَلِكَ عَلَى مَا إِذَا كَانَتِ اللُّقْمَةُ فِي فَمِهِ وَكَانَ يَمْضِي زَمَانٌ فِي الْمَضْغِ وَالِابْتِلَاعِ، وَيَعْسُرُ الْجَوَابُ فِي الْحَالِ، أَمَّا إِذَا سَلَّمَ بَعْدَ الِابْتِلَاعِ وَقَبْلَ وَضْعِ لُقْمَةٍ أُخْرَى، فَلَا يَتَوَجَّهُ الْمَنْعُ، وَأَمَّا الْمُصَلِّي، فَأَطْلَقَ الْغَزَالِيُّ أَنَّهُ لَا يُسَلِّمُ عَلَيْهِ، وَلَمْ يَمْنَعْهُ الْمُتَوَلِّي لَكِنْ قَالَ: إِذَا سَلَّمَ عَلَيْهِ لَمْ يَرُدْ عَلَيْهِ حَتَّى يَفْرُغَ، وَيَجُوزُ أَنْ يُجِيبَ فِي الصَّلَاةِ بِالْإِشَارَةِ، نُصَّ عَلَيْهِ فِي الْقَدِيمِ، وَقِيلَ: يَجِبُ، وَقِيلَ: يَجِبُ الرَّدُّ بِاللَّفْظِ بَعْدَ الْفَرَاغِ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَجُبِ الرَّدُّ مُطْلَقًا، فَإِنْ قَالَ فِي الصَّلَاةِ: عَلَيْكُمُ السَّلَامُ، بَطَلَتْ، وَإِنْ قَالَ: عَلَيْهِمُ السَّلَامُ، لَمْ تَبْطُلْ وَقَدْ سَبَقَ هَذَا فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ، وَلَا مَنْعَ مِنَ السَّلَامِ عَلَى مَنْ هُوَ فِي مُسَاوَمَةٍ أَوْ مُعَامَلَةٍ.
قُلْتُ: وَمِنَ الْأَحْوَالِ الَّتِي لَا يُسَلَّمُ فِيهَا حَالَةُ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ وَالْخُطْبَةِ عَلَى خِلَافٍ وَتَفْصِيلٍ سَبَقَ فِيهَا، وَأَمَّا الْمُشْتَغِلُ بِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ، فَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ الْوَاحِدِيُّ الْمُفَسِّرُ مِنْ أَصْحَابِنَا: الْأَوْلَى تَرْكُ السَّلَامِ عَلَيْهِ، قَالَ: فَإِنْ سَلَّمَ، كَفَاهُ الرَّدُّ بِالْإِشَارَةِ، وَإِنْ رَدَّ بِاللَّفْظِ، اسْتَأْنَفَ الِاسْتِعَاذَةِ، ثُمَّ يَقْرَأُ، وَفِيمَا قَالَهُ نَظَرٌ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُسَلِّمُ عَلَيْهِ وَيَجِبُ الرَّدُّ بِاللَّفْظِ، وَأَمَّا الْمُلَبِّي فِي الْإِحْرَامِ فَيُكْرَهُ السَّلَامُ عَلَيْهِ، فَإِنْ سَلَّمَ، رَدَّ عَلَيْهِ لَفْظًا، نُصَّ عَلَيْهِ، وَقَدْ سَبَقَ فِي الْحَجِّ، وَلَوْ سَلَّمَ فِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ الَّتِي لَا يَسْتَحِقُّ فِيهَا جَوَابًا، هَلْ يَشْرَعُ الرَّدُّ؟ فِيهِ تَفْصِيلٌ، أَمَّا الْمُشْتَغِلُ بِالْبَوْلِ وَالْجِمَاعِ وَنَحْوِهِمَا، فَيُكْرَهُ لَهُ الرَّدُّ كَمَا سَبَقَ فِي بَابِ الِاسْتِطَابَةِ، وَأَمَّا الْأَكْلُ وَمَنْ فِي الْحَمَّامِ، فَيُسْتَحَبُّ لَهُ الرَّدُّ، وَأَمَّا الْمُصَلِّي، فَيُسَنُّ لَهُ الرَّدُّ إِشَارَةً كَمَا سَبَقَ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute