للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الرَّابِعَةَ عَشَرَةَ: التَّحِيَّةُ بِالطَّلْبَقَةِ وَهِيَ: أَطَالَ اللَّهُ بَقَاكَ، وَحَنْيُ الظَّهْرِ، وَتَقْبِيلُ الْيَدِ لَا أَصْلَ لَهُ فِي الشَّرْعِ، لَكِنْ لَا يُمْنَعُ الذِّمِّيُّ مِنْ تَعْظِيمِ الْمُسَلِّمِ بِهَا، وَلَا يُكْرَهُ تَقْبِيلُ الْيَدِ لِزُهْدٍ وَعِلْمٍ وَكِبَرِ سِنٍّ، وَتُسَنُّ الْمُصَافَحَةُ، وَيُكْرَهُ لِلدَّاخِلِ أَنْ يَطْمَعَ فِي قِيَامِ الْقَوْمِ، وَيُسْتَحَبُّ لَهُمْ أَنْ يُكْرِمُوهُ، وَيُسَنُّ تَشْمِيتُ الْعَاطِسِ وَهُوَ سُنَّةٌ عَلَى الْكِفَايَةِ كَمَا سَبَقَ فِي ابْتِدَاءِ السَّلَامِ، وَإِنَّمَا يُسَنُّ إِذَا قَالَ الْعَاطِسُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، وَالتَّشْمِيتُ أَنْ يَقُولَ: يَرْحَمُكَ اللَّهُ، أَوْ يَرْحَمُكَ رَبُّكَ، وَيُكَرِّرُ التَّشْمِيتَ إِذَا تَكَرَّرَ الْعُطَاسُ إِلَّا أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ مَزْكُومٌ، فَيَدْعُو لَهُ بِالشِّفَاءِ، وَيُسَنُّ لِلْعَاطِسِ أَنْ يُجِيبَ الْمُشَمِّتَ، فَيَقُولُ: يَهْدِيكُمُ اللَّهُ، أَوْ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ، وَلَا يَجِبُ ذَلِكَ، وَتُسَنُّ عِيَادَةُ الْمَرِيضِ وَزِيَارَةُ الْقَادِمِ وَمُعَانَقَتُهُ.

قُلْتُ: قَدِ اخْتَصَرَ الْإِمَامُ الرَّافِعِيُّ الْكَلَامَ فِي السَّلَامِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ، وَقَدْ جَمَعْتُ فِيهِ فِي كِتَابِ «الْأَذْكَارِ» جُمَلًا نَفِيسَةً مُوَضَّحَةً بِدَلَائِلِهَا مِنَ الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ مَعَ آيَاتٍ مِنَ الْقُرْآنِ الْعَزِيزِ، وَضَمَمْتُ إِلَيْهَا مُهِمَّاتٍ مُتَعَلِّقَةٍ بِمَا لَا يَسْتَغْنِي رَاغِبٌ فِي الْخَيْرِ عَنْ مَعْرِفَةِ مِثْلِهَا، وَقَدْ خَلَّلْتُ بَعْضَهَا فِيمَا سَبَقَ، وَأَنَا أَرْمُزُ إِلَى جُمْلَةٍ مِنَ الْبَاقِي إِنْ - شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى - فَمِنْ ذَلِكَ، السُّنَّةُ أَنْ يَرْفَعَ صَوْتَهُ بِالسَّلَامِ رَفْعًا يَسْمَعُهُ الْمُسَلَّمُ عَلَيْهِمْ سَمَاعًا مُحَقَّقًا، وَلَا يَزِيدُ رَفْعُهُ عَلَى ذَلِكَ، وَإِذَا شَكَّ فِي سَمَاعِهِمْ، زَادَ فِي الرَّفْعِ وَاسْتَظْهَرَ، وَإِنْ سَلَّمَ عَلَى أَيْقَاظٍ عِنْدَهُمْ نِيَامٌ، خَفَضَ صَوْتَهُ بِحَيْثُ يُسْمِعُ الْأَيْقَاظَ وَلَا يُوقِظُ النِّيَامَ، ثَبَتَ ذَلِكَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ فِعْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَالْإِشَارَةُ بِالسَّلَامِ بِالْيَدِ وَنَحْوِهَا بِلَا لَفْظٍ خِلَافُ الْأُولَى، فَإِنْ جَمَعَ بَيْنَ الْإِشَارَةِ وَاللَّفْظِ، فَحَسَنٌ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ حَدِيثُ التِّرْمِذِيِّ وَهُوَ حَدِيثٌ حَسَنٌ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَلَوَى بِيَدِهِ بِالتَّسْلِيمِ، وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُرْسِلَ سَلَامَهُ إِلَى مَنْ غَابَ عَنْهُ، وَيُلْزِمُ

<<  <  ج: ص:  >  >>