فِي النَّهْيِ عَنْهُمَا، وَأَمَّا الْمُصَافَحَةُ، فَسُنَّةٌ عِنْدَ التَّلَاقِي، سَوَاءٌ فِيهِ الْحَاضِرُ وَالْقَادِمُ مِنْ سَفَرٍ، وَالْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ فِيهَا كَثِيرَةٌ جِدًّا، وَأَمَّا مَا اعْتَادَهُ النَّاسُ مِنَ الْمُصَافَحَةِ بَعْدَ صَلَاتَيِ الصُّبْحِ وَالْعَصْرِ، فَلَا أَصْلَ لِتَخْصِيصِهِ، لَكِنْ لَا بَأْسَ بِهِ، فَإِنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ الْمُصَافَحَةِ، وَقَدْ حَثَّ الشَّرْعُ عَلَى الْمُصَافَحَةِ، وَجَعَلَهُ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ مِنَ الْبِدَعِ الْمُبَاحَةِ، وَيُسْتَحَبُّ مَعَ الْمُصَافَحَةِ الْبَشَاشَةُ بِالْوَجْهِ وَالدُّعَاءِ بِالْمَغْفِرَةِ وَغَيْرِهَا.
وَيُسَنُّ زِيَارَةُ الصَّالِحِينَ وَالْإِخْوَانِ وَالْجِيرَانِ وَالْأَصْدِقَاءِ وَالْأَقَارِبِ وَإِكْرَامُهُمْ وَبِرُّهُمْ وَصِلَتُهُمْ، وَضَبْطُ ذَلِكَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ أَحْوَالِهِمْ وَمَرَاتِبِهِمْ وَفَرَاغِهِمْ، وَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ زِيَارَتُهُ عَلَى وَجْهٍ يَرْتَضُونَهُ وَفِي وَقْتٍ لَا يَكْرَهُونَهُ، وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَطْلُبَ مِنْ أَخِيهِ الصَّالِحِ أَنْ يَزُورَهُ، وَأَنْ يُكْثِرَ زِيَارَتَهُ إِذَا لَمْ يَشُقَّ، وَأَمَّا الْعَاطِسُ، فَيُسَنُّ لَهُ أَنْ يَقُولَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، وَإِنْ كَانَ فِي صَلَاةٍ قَالَهُ وَأَسْمَعُ نَفْسَهُ، وَلَوْ قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ، كَانَ أَفْضَلَ، فَفِيهِ حَدِيثٌ صَحِيحٌ، وَيُسَنُّ بِمَنْ جَاءَهُ الْعُطَاسُ، أَنْ يَضَعَ يَدَهُ أَوْ ثَوْبَهُ وَنَحْوَهُ عَلَى وَجْهِهِ، وَيَخْفِضَ صَوْتَهُ، وَتَشْمِيتُهُ إِلَى ثَلَاثِ مَرَّاتٍ، فَإِنْ زَادَ، دَعَا لَهُ بِالشِّفَاءِ، وَلَا يُشَمِّتُهُ حَتَّى يَسْمَعَ تَحْمِيدَهُ، وَأَقَلُّ التَّشْمِيتِ وَجَوَابُهُ أَنْ يَسْمَعَهُ، وَلَوْ قَالَ لَفْظًا آخَرَ غَيْرَ الْحَمْدِ لِلَّهِ، لَمْ يُشَمَّتْ، فَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إِذَا عَطَسَ أَحَدُكُمْ فَحَمَدَ اللَّهَ تَعَالَى، فَشَمِّتُوهُ، فَإِنْ لَمْ يَحْمَدِ اللَّهَ تَعَالَى، فَلَا تُشَمِّتُوهُ» وَهَذَا الْحَدِيثُ مِمَّا يَنْبَغِي حِفْظُهُ وَإِشَاعَتُهُ، فَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ يَتَسَاهَلُونَ فِيهِ، وَإِذَا لَمْ يَحْمَدِ اللَّهَ تَعَالَى، يُسْتَحَبُّ لِمَنْ عِنْدَهُ أَنْ يُذَكِّرَهُ الْحَمْدَ، وَلَوْ سَمِعَ حَمْدَهُ بَعْضُ الْقَوْمِ، يُشَمِّتُهُ السَّامِعُونَ فَقَطْ، وَلَوْ عَطَسَ يَهُودِيٌّ، فَلْيَقُلْ: يَهْدِيكُمُ اللَّهُ، وَلَا يَقُلَّ: يَرْحَمُكُمُ اللَّهُ، فَفِيهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute