الْأَسَارَى، وَفِي قَوْلٍ قَدِيمٍ: يَجِبُ بَعْثُ الْمَالِ، أَوِ الْعَوْدُ إِلَيْهِمْ، وَالْمَشْهُورُ الْأَوَّلُ، وَبِهِ قَطَعَ الْجُمْهُورُ، قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ: وَالَّذِي يَقْتَضِي الْمَذْهَبُ أَنَّ الْمَبْعُوثَ إِلَيْهِمِ اسْتِحْبَابًا أَوْ وُجُوبًا لَا يَمْلِكُونَهُ، لِأَنَّهُ مَأْخُوذٌ بِغَيْرِ حَقٍّ، وَلَوِ اشْتَرَى مِنْهُمُ الْأَسِيرُ شَيْئًا لِيَبْعَثَ إِلَيْهِمْ ثَمَنَهُ، أَوِ اقْتَرَضَ، فَإِنْ كَانَ مُخْتَارًا، لَزِمَهُ الْوَفَاءُ، وَإِنْ كَانَ مُكْرَهًا، فَثَلَاثُ طُرُقٍ، الْمُذَهَبُ وَالْمَنْصُوصُ: أَنَّ الْعَقْدَ بَاطِلٌ، وَيَجِبُ رَدُّ الْعَيْنِ، كَمَا لَوْ أَكْرَهَ مُسْلِمٌ مُسْلِمًا عَلَى الشِّرَاءِ، وَالثَّانِي: الصِّحَّةُ وَيَلْزَمُ الثَّمَنُ، لِأَنَّ الْمُعَامَلَةَ مَعَ الْكُفَّارِ يَتَسَاهَلُ فِيهَا، وَالثَّالِثُ: قَوْلَانِ، الْجَدِيدُ: الْبُطْلَانُ، وَالْقَدِيمُ: أَنَّهُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ رَدِّ الْعَيْنِ وَرَدِّ الثَّمَنِ، وَلَوْ لَمْ يَجُرْ لَفْظُ بَيْعٍ، بَلْ قَالُوا: خُذْ هَذَا، وَابْعَثْ كَذَا مِنَ الْمَالِ، فَقَالَ: نَعَمْ، هُوَ كَالشِّرَاءِ مُكْرَهًا، وَلَوْ أَعْطَوْهُ شَيْئًا لِيَبِيعَهُ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ، وَيَبْعَثَ إِلَيْهِمْ ثَمَنَهُ، فَهُوَ وَكِيلٌ يَجِبُ عَلَيْهِ مَا عَلَى الْوَكِيلِ.
السَّابِعَةُ: إِذَا بَارَزَ مُسْلِمٌ كَافِرًا بِإِذْنِ الْإِمَامِ، أَوْ بِغَيْرِ إِذْنِهِ وَقُلْنَا بِالْأَصَحِّ: إِنَّهُ يَجُوزُ، وَشَرَطَ الْمُتَبَارِزَانِ أَنْ لَا يُعِينَ الْمُسْلِمُونَ الْمُسْلِمَ، وَلَا الْكُفَّارُ الْكَافِرَ إِلَى انْقِضَاءِ الْقِتَالِ وَجَبَ الْوَفَاءُ بِالشَّرْطِ، وَلَمْ يَجُزْ لِمَنْ فِي الصَّفِّ الْإِعَانَةُ، ثُمَّ إِنْ هَرَبَ أَحَدُهُمَا، أَوْ قُتِلَ الْمُسْلِمُ، جَازَ لِلْمُسْلِمِينَ قَصْدُ الْكَافِرِ، لِأَنَّ الْأَمَانَ كَانَ إِلَى انْقِضَاءِ الْقِتَالِ وَقَدِ انْقَضَى، فَإِنْ شُرِطَ الْأَمَانُ إِلَى الْعَوْدِ إِلَى الصَّفِّ، وَفَّى بِهِ، فَإِنْ وَلَّى الْمُسْلِمُ عَنْهُ، فَتَبِعَهُ لِيَقْتُلَهُ، أَوْ تَرَكَ قِتَالَ الْمُسْلِمِ وَقَصَدَ الصَّفَّ، فَلَهُمْ قَتْلُهُ لِنَقْضِهِ الْأَمَانَ، وَلَوْ أُثْخِنَ، جَازَ قَتْلُهُ أَيْضًا لِانْقِطَاعِ الْقِتَالِ، وَإِذَا قَصَدَ قَتْلَ الْمُثْخَنِ، مُنِعَ، وَقِيلَ: فَإِنْ شُرِطَ لَهُ التَّمْكِينُ مِنْهُ، فَهُوَ شَرْطٌ بَاطِلٌ، لِمَا فِيهِ مِنَ الضَّرَرِ، وَهَلْ يَفْسُدُ بِهِ أَصْلُ الْأَمَانِ؟ وَجْهَانِ، وَلَوْ خَرَجَ الْمُشْرِكُونَ لِإِعَانَةِ الْمُشْرِكِ، خَرَجَ الْمُسْلِمُونَ لِإِعَانَةِ الْمُسْلِمِ، فَإِنْ كَانَ الْكَافِرُ اسْتَنْجَدَهُمْ، جَازَ قَتْلُهُ مَعَهُمْ، وَكَذَا لَوْ خَرَجُوا بِغَيْرِ اسْتِنْجَادِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute