فَلَمْ يَمْنَعْهُمْ، وَإِنْ خَرَجُوا بِغَيْرِ إِذْنِهِ، وَمَنَعَهُمْ، فَلَمْ يَمْتَنِعُوا، جَازَ قَتْلُهُمْ وَلَمْ يَجُزِ التَّعَرُّضُ لَهُ، هَذَا كُلُّهُ إِذَا شَرَطَا الْأَمَانَ، فَإِنْ لَمْ يَشْرُطْ، وَلَكِنِ اطَّرَدَتْ عَادَةُ الْمُتَبَارِزِينَ بِالْأَمَانِ، فَهُوَ كَالْمَشْرُوطِ عَلَى الْأَصَحِّ، فَإِنْ لَمْ يَشْرُطْ، وَلَمْ تَجْرِ عَادَةٌ، فَلِلْمُسْلِمِينَ قَتْلُهُ.
فَرْعٌ
لَوْ أَثْخَنَ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ، فَهَلْ يَجُوزُ قَتْلُهُ أَمْ يُتْرَكُ؟ وَجْهَانِ، نَقَلَهُمَا ابْنُ كَجٍّ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ: إِنَّ شَرَطَ الْأَمَانَ إِلَى انْقِضَاءِ الْقِتَالِ، جَازَ قَتْلُهُ، وَإِنْ شَرَطَ أَنْ لَا يُتَعَرَّضَ لِلْمُثْخَنِ، وَجَبَ الْوَفَاءُ بِالشَّرْطِ. الثَّامِنَةُ: مَسْأَلَةُ الْعِلْجِ، وَهُوَ الْكَافِرُ الْغَلِيظُ الشَّدِيدُ، سُمِّيَ بِهِ لِأَنَّهُ يَدْفَعُ بِقُوَّتِهِ عَنْ نَفْسِهِ، وَمِنْهُ سُمِّي الْعِلَاجُ لِدَفْعِهِ الدَّاءَ وَصُورَتُهَا أَنْ يَقُولَ كَافِرٌ لِلْإِمَامِ: أَدُلُّكَ عَلَى قَلْعَةِ كَذَا عَلَى أَنْ تُعْطِيَنِي مِنْهَا جَارِيَةً كَذَا، فَيُعَاقِدُهُ الْإِمَامُ، فَيَجُوزُ وَهِيَ جَعَالَةٌ بِجَعْلٍ مَجْهُولٍ غَيْرِ مَمْلُوكٍ احْتُمِلَتْ لِلْحَاجَةِ، وَلَوْ قَالَ الْإِمَامُ ابْتِدَاءً: إِنْ دَلَلْتِنِي عَلَى هَذِهِ الْقَلْعَةِ، فَلَكَ مِنْهَا جَارِيَةٌ كَذَا، فَكَذَلِكَ الْحُكْمُ، وَسَوَاءً كَانَتِ الْمُعَيَّنَةُ حُرَّةً أَمْ أَمَةً لِأَنَّ الْحُرَّةَ تَرِقُّ بِالْأَسْرِ، وَلَوْ شَرَطَ الْعَلْجُ أَوِ الْإِمَامُ جَارِيَةً مُبْهَمَةً، جَازَ عَلَى الصَّحِيحِ، وَيُشْتَرَطُ كَوْنُ الْجَعْلِ مِمَّا يَدُلُّ عَلَيْهِ الْعِلْجُ، فَلَوْ قَالَ: أُعْطِيكَ جَارِيَةً مِمَّا عِنْدِي، أَوْ ثُلُثَ مَالِي، لَمْ يَصِحَّ كَوْنُهُ مَجْهُولًا كَسَائِرِ الْجَعَالَاتِ، وَلَوْ قَالَ مُسْلِمٌ: أَدُلُّكَ عَلَى أَنْ تُعْطِيَنِي مِنْهَا جَارِيَةً كَذَا، أَوْ ثُلُثَ مَا فِيهَا، فَوَجْهَانِ، أَصَحُّهُمَا عِنْدَ الْإِمَامِ: لَا يَجُوزُ، لِأَنَّ فِيهِ أَنْوَاع غَرَرٍ، فَلَا تُحْتَمَلُ مَعَ الْمُسْلِمِ الْمُلْتَزِمِ لِلْأَحْكَامِ بِخِلَافِ الْكَافِرِ، فَإِنَّ الْحَاجَةَ تَدْعُو إِلَيْهِ، لِأَنَّهُ أَعْرَفُ بِقِلَاعِهِمْ وَطُرُقِهِمْ غَالِبًا، وَالثَّانِي: يَجُوزُ، وَبِهِ قَالَ الْعِرَاقِيُّونَ لِلْحَاجَةِ، فَقَدْ يَكُونُ الْمُسْلِمُ أَعْرَفَ وَهُوَ أَنْصَحُ، وَلِأَنَّ الْعَقْدَ مُتَعَلِّقٌ بِالْكُفَّارِ، قَالَ الْإِمَامُ: وَالْوَجْهَانِ مُفَرَّعَانِ عَلَى تَجْوِيزِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute