الْجِزْيَةُ، وَإِنْ كَثُرَ بِأَنْ يُقْطَعَ يَوْمًا وَيَوْمًا، أَوْ يَوْمَيْنِ، فَأَوْجُهٌ، أَصَحُّهَا: تُلَفَّقُ أَيَّامُ الْإِفَاقَةِ، فَإِذَا تَمَّتْ سَنَةً، أُخِذَتِ الْجِزْيَةُ، وَالثَّانِي: لَا شَيْءَ عَلَيْهِ، كَمَنَ بَعْضُهُ رَقِيقٌ، وَالثَّالِثُ: حُكْمُهُ كَالْعَاقِلِ وَمَا يَطْرَأُ وَيَزُولُ كَالْإِغْمَاءِ، وَالرَّابِعُ: يُحْكُمُ بِمُوجِبِ الْأَغْلَبِ، فَإِنِ اسْتَوَى الزَّمَانُ، وَجَبَتِ الْجِزْيَةُ، وَالْخَامِسُ: إِنْ كَانَ فِي آخِرِ السَّنَةِ عَاقِلًا، أُخِذَتِ الْجِزْيَةُ وَإِلَّا فَلَا، أَمَّا إِذَا كَانَ مُفِيقًا، ثُمَّ جُنَّ بَعْدَ انْتِصَافِ السَّنَةِ، فَهُوَ كَمَوْتِهِ فِي أَثْنَاءِ السَّنَةِ، وَإِنْ كَانَ مَجْنُونًا فَأَفَاقَ فِي أَثْنَاءِ السَّنَةِ افْتَتَحَ سَنَةً، وَسَنَذْكُرُهُمَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَلَوْ وَقَعَ فِي الْأَسْرِ مَنْ يُجَنُّ وَيَفِيقُ، قَالَ الْإِمَامُ: إِنْ غَلَّبْنَا حُكْمَ الْمَجْنُونِ، رُقَّ وَلَا يُقْتَلُ، وَإِنْ غَلَّبْنَا حُكْمَ الْإِفَاقَةِ، لَمْ يُرَقَّ بِالْأَسْرِ، وَالظَّاهِرُ الْحَقْنُ، وَيَتَّجِهُ أَنْ تُعْتَبَرَ حَالَةُ الْأَسْرِ، وَهَذَا هُوَ الْأَصَحُّ عِنْدَ الْغَزَالِيِّ.
الشَّرْطُ الثَّانِي: الْبُلُوغُ، فَلَا جِزْيَةَ عَلَى صَبِيٍّ، وَإِذَا بَلَغَ وَلَدُ ذِمِّيٍّ، فَهُوَ فِي أَمَانٍ، فَلَا يُغْتَالُ، بَلْ يُقَالُ لَهُ: لَا نُقِرُّكَ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ إِلَّا بِجِزْيَةٍ، فَإِنْ لَمْ يَبْذُلِ الْجِزْيَةَ، أَلْحَقْنَاهُ بِمَأْمَنِهِ، وَإِنِ اخْتَارَ بَذْلَهَا، فَهَلْ يَحْتَاجُ إِلَى اسْتِئْنَافِ عَقْدٍ، أَمْ يَكْفِي عَقْدُ أَبِيهِ؟ وَجْهَانِ، أَصَحُّهُمَا عِنْدَ الْعِرَاقِيِّينَ وَغَيْرِهِمْ: الْأَوَّلُ، فَإِنِ اكْتَفَيْنَا بِعَقْدِ أَبِيهِ، لَزِمَهُ مِثْلُ جِزْيَةِ أَبِيهِ، فَإِنْ كَانَتْ أَكْثَرَ مِنْ دِينَارٍ وَقَالَ: لَا أَبْذُلُ الزِّيَادَةَ، فَطَرِيقَانِ، أَحَدُهُمَا: هُوَ كَذِمِّيٍّ عَقَدَ بِأَكْثَرَ مِنْ دِينَارٍ، ثُمَّ امْتَنَعَ مِنْ بَذْلِ الزِّيَادَةِ، وَفِيهِ خِلَافٌ يَأْتِي - إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى - وَالثَّانِي: الْقَطْعُ بِالْقَبُولِ، لِأَنَّهُ لَمْ يَعْقِدْ بِنَفْسِهِ حَتَّى يُجْعَلَ بِالِامْتِنَاعِ نَاقِضًا لِلْعَهْدِ، وَإِنْ قُلْنَا: يُسْتَأْنَفُ مَعَهُ عَقْدٌ، رَفَقَ بِهِ الْإِمَامُ لِيَلْتَزِمَ مَا الْتَزَمَ أَبُوهُ، فَإِنِ امْتَنَعَ مِنَ الزِّيَادَةِ، عُقِدَ لَهُ بِالدِّينَارِ، وَسَوَاءً اكْتَفَيْنَا بِعَقْدِ أَبِيهِ، أَمِ احْتَجْنَا إِلَى الِاسْتِئْنَافِ، فَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْأَبُ قَدْ قَالَ: الْتَزَمْتُ هَذَا عَنْ نَفْسِي وَفِي حَقِّ ابْنِي إِذَا بَلَغَ، وَبَيْنَ أَنْ لَا يَتَعَرَّضَ لِلِابْنِ، وَلَوْ بَلَغَ الِابْنُ سَفِيهًا وَبَذَلَ جِزْيَةَ أَبِيهِ وَهِيَ فَوْقَ دِينَارٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute