وَلَوْ مَرِضَ فِيهِ، لَمْ يُمَرَّضْ فِيهِ، بَلْ يُنْقَلُ وَإِنْ خِيفَ مِنَ النَّقْلِ مَوْتُهُ، وَلَوْ مَرِضَ كَافِرٌ فِي الْحِجَازِ خَارِجَ الْحَرَمِ، قَالَ: إِنْ أَمْكَنَ نَقْلُهُ بِلَا مَشَقَّةٍ عَظِيمَةٍ عَلَيْهِ، كُلِّفَ الِانْتِقَالَ، فَإِنْ خِيفَ عَلَيْهِ الْمَوْتُ، تَرَكَ حَتَّى يَبْرَأَ، وَإِنْ لَمْ يَخَفِ الْمَوْتَ، وَلَكِنْ تَنَالُهُ مَشَقَّةٌ عَظِيمَةٌ، فَالْأَصَحُّ تَكْلِيفُهُ الِانْتِقَالَ، وَجَوَابُ جُمْهُورِ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ لَا يُنْقَلُ مُطْلَقًا، فَلَوْ مَاتَ فِي الْحِجَازِ وَتَعَذَّرَ نَقْلُهُ، دُفِنَ فِيهِ، وَلَفْظُ الْإِمَامِ أَنَّا نُوَارِيهِ مُوَارَاةَ الْجِيَفِ، وَإِنْ كَانَ فِي طَرَفِ الْحِجَازِ، نُقِلَ لِسُهُولَتِهِ، وَأَطْلَقَ أَكْثَرُهُمْ أَنَّهُ يُدْفَنُ فِيهِ، وَقَالُوا: إِذَا جَازَ تَرْكُهُ فِي الْحِجَازِ لِلْمَرَضِ، فَلِلْمَوْتِ أَوْلَى، وَذَكَرَ الْبَغَوِيُّ تَفْصِيلًا جَيِّدًا وَهُوَ أَنَّهُ إِنْ أَمْكَنَ نَقْلُهُ قَبْلَ أَنْ يَتَغَيَّرَ، نُقِلَ وَلَمْ يُدْفَنْ فِيهِ، وَإِنْ خِيفَ عَلَيْهِ التَّغَيُّرُ، دُفِنَ لِلضَّرُورَةِ، وَإِذَا دُفِنَ حَيْثُ لَا يُؤْذَنُ فِيهِ، هَلْ يُنْبَشُ وَيُخْرَجُ عِنْدَ التَّمَكُّنِ؟ وَجْهَانِ حَكَاهُمَا الْإِمَامُ، وَالصَّحِيحُ: الْمَنْعُ، وَبِهِ قَطَعَ الْجُمْهُورُ، فَعَلَى هَذَا قَالَ الْإِمَامُ: لَا يَبْعُدُ أَنْ لَا يُرْفَعَ نَعْشُ قَبْرِهِ، وَأَمَّا حَرَمُ الْمَدِينَةِ فَلَا يُلْحَقُ بِحَرَمِ مَكَّةَ فِيمَا ذَكَرْنَا، لَكِنِ اسْتَحْسَنَ الرُّويَانِيُّ أَنْ يُخْرَجَ مِنْهُ إِذَا لَمْ يَتَعَذَّرِ الْإِخْرَاجُ وَيُدْفَنُ خَارِجُهُ، أَمَّا غَيْرُ الْحِجَازِ، فَيَجُوزُ تَقْرِيرُ الْكُفَّارِ فِيهِ بِالْجِزْيَةِ وَلِكُلِّ كَافِرٍ دُخُولُهُ بِالْأَمَانِ، وَإِذَا اسْتَأْذَنَ كَافِرٌ فِي الدُّخُولِ، لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ إِلَّا لِحَاجَةٍ، لِأَنَّهُ لَا يُؤْمَنُ أَنْ يَجُسَّ، أَوْ يَطَّلِعَ عَلَى عَوْرَةٍ، وَيَتَوَلَّدَ مِنَ اطِّلَاعِهِ فَسَادٌ، أَوْ يَفْتِكَ بِمُسْلِمٍ، وَيُؤْذَنُ لَهُ إِذَا كَانَ فِي دُخُولِهِ مَصْلَحَةٌ لِلْمُسْلِمِينَ، كَرِسَالَةٍ وَعَقْدِ ذِمَّةٍ أَوْ هُدْنَةٍ، وَإِنْ كَانَ يَدْخُلُ لِتِجَارَةٍ، فَلِلْإِمَامِ أَنْ يَأْذَنَ لَهُ إِذَا رَأَى ذَلِكَ، وَيَأْخُذُ مِنْ تِجَارَتِهِ شَيْئًا كَمَا سَيَأْتِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَإِذَا دَخَلَ لِبَعْضِ هَذِهِ الْأَغْرَاضِ فَلْيَكُنْ مُكْثُهُ بِقَدْرِ الْحَاجَةِ، وَلَيْسَ لِكَافِرٍ أَنْ يَدْخُلَ مَسَاجِدَ هَذِهِ الْبِلَادِ بِغَيْرِ إِذْنٍ، وَلَا يُؤْذَنُ لَهُ فِي دُخُولِهَا لِأَكْلٍ وَلَا نَوْمٍ، لَكِنْ يُؤْذَنُ لِسَمَاعِ الْقُرْآنِ أَوِ الْحَدِيثِ وَالْعِلْمِ، قَالَ الرُّويَانِيُّ: وَكَذَا لِحَاجَتِهِ إِلَى مُسْلِمٍ، أَوْ حَاجَةِ مُسْلِمٍ إِلَيْهِ، وَإِذَا دَخَلَ بِلَا إِذْنٍ إِنْ كَانَ جَاهِلًا فَمَعْذُورٌ وَيُعَرَّفُ، وَإِنْ كَانَ عَالِمًا، عُزِّرَ، وَقِيلَ: لَا يُعَزَّرُ إِلَّا أَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute