يَشْرُطَ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَدْخُلَ بِلَا إِذْنٍ، وَجُلُوسُ الْقَاضِي فِي الْمَسْجِدِ إِذْنٌ لِلْكَافِرِ فِي الدُّخُولِ، وَإِذَا كَانَ لَهُ خُصُومَةٌ. وَهَلْ يُفَرَّقُ بَيْنَ كَوْنِهِ جُنُبًا وَغَيْرَهُ؟ وَجْهَانِ سَبَقَا فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ، وَالصَّحِيحُ الْأَشْهَرُ أَنَّهُ يَكْفِي إِذْنُ آحَادِ الْمُسْلِمِينَ فِي دُخُولِ كُلِّ الْمَسَاجِدِ، وَقَالَ الرُّويَانِيُّ: لَا يَكْفِي فِي الْجَامِعِ إِلَّا إِذْنُ السُّلْطَانِ، وَفِي مَسَاجِدِ الْقَبَائِلِ وَالْمَحَالِّ وَجْهَانِ، أَحَدُهُمَا: يُشْتَرَطُ إِذْنُ مَنْ لَهُ أَهْلِيَّةُ الْجِهَادِ، وَأَصَحُّهُمَا: يَكْفِي إِذْنُ مَنْ يَصِحُّ أَمَانُهُ، وَإِذَا قَدِمَ وَفْدٌ مِنَ الْكُفَّارِ، فَالْأَوْلَى أَنْ يُنْزِلَهُمُ الْإِمَامُ فِي دَارٍ مُهَيَّأَةٍ لِذَلِكَ، أَوْ فِي فُضُولِ مَسَاكِنِ الْمُسْلِمِينَ، فَإِنْ لَمْ يَتَيَسَّرْ، فَلَهُ إِنْزَالُهُمْ فِي الْمَسْجِدِ، وَيَجُوزُ تَعْلِيمُهُمُ الْقُرْآنَ إِذَا رُجِيَ إِسْلَامُهُمْ، وَلَا يَجُوزُ إِذَا خِيفَ اسْتِخْفَافُهُمْ، وَكَذَا الْقَوْلُ فِي تَعْلِيمِ أَحَادِيثِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْفِقْهِ وَالْكَلَامِ، وَلَا يُمْنَعُونَ مِنَ الشِّعْرِ وَالنَّحْوِ، قَالَ الرُّويَانِيُّ: وَمَنَعَهُ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ، لِئَلَّا يَتَطَاوَلُوا بِهِ عَلَى مُسْلِمٍ لَا يُحْسِنُهُ.
قُلْتُ: قَالَ أَصْحَابُنَا: لَا يُمْنَعُ الْكَافِرُ مِنْ سَمَاعِ الْقُرْآنِ، وَيُمْنَعُ مِنْ مَسِّ الْمُصْحَفِ، وَلَا يَجُوزُ تَعْلِيمُهُ الْقُرْآنَ إِنْ لَمْ يُرْجَ إِسْلَامُهُ وَيَمْنَعُهُ التَّعْلِيمُ عَلَى الْأَصَحِّ، وَإِنْ رُجِيَ، جَازَ تَعْلِيمُهُ عَلَى الْأَصَحِّ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
فَرْعٌ
مَنْ دَخَلَ مِنْهُمْ لِتِجَارَةٍ أَوْ رِسَالَةٍ لَمْ يُمَكَّنْ مِنْ إِظْهَارِ خَمْرٍ وَلَا خِنْزِيرٍ، وَلَا يَأْذَنُ لَهُ الْإِمَامُ فِي حَمْلِهَا إِلَى دَارِ الْإِسْلَامِ.
الرَّكْنُ الْخَامِسُ: الْمَالُ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ، وَفِيهِ مَسَائِلُ: إِحْدَاهَا: أَقَلُّ الْجِزْيَةِ دِينَارٌ لِكُلِّ سَنَةٍ، هَذَا هُوَ الْمَنْصُوصُ الْمَوْجُودُ فِي كُتُبِ الْأَصْحَابِ، وَذَكَرَ الْإِمَامُ أَنَّ الْأَقَلَّ دِينَارٌ، أَوِ اثْنَا عَشَرَ دِرْهَمًا نَقْرَةً خَالِصَةً مَسْكُوكَةً، يَتَخَيَّرُ الْإِمَامُ بَيْنَهُمَا، وَلَا يَلْزَمُ الْإِمَامُ أَنْ يُخَيِّرَهُمْ بِأَقَلِّ الْجِزْيَةِ، بَلْ يُسْتَحَبُّ أَنْ يُمَاكِسَ حَتَّى يَأْخُذَ مِنَ الْغَنِيِّ أَرْبَعَةَ دَنَانِيرَ، وَمِنَ الْمُتَوَسِّطِ دِينَارَيْنِ، وَقَالَ الْإِمَامُ: مَوْضِعُ الْمُمَاكَسَةِ مَا إِذَا لَمْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute