يَعْلَمِ الْكَافِرُ جَوَازَ الِاقْتِصَارِ عَلَى دِينَارٍ، فَإِنْ عَلِمَ، تُطْلَبُ الزِّيَادَةُ اسْتِمَاحَةً، فَإِنِ امْتَنَعُوا مِنْ بَذْلِ مَا زَادَ عَلَى دِينَارٍ، وَجَبَ تَقْرِيرُهُمْ بِالدِّينَارِ سَوَاءٌ فِيهِ الْغَنِيُّ وَالْفَقِيرُ، وَلَوْ عَقَدَ بِأَكْثَرَ مِنْ دِينَارٍ، ثُمَّ عَلِمَ أَنَّ الزِّيَادَةَ غَيْرُ لَازِمَةٍ، لَزِمَهُ مَا الْتَزَمَ، كَمَنِ اشْتَرَى شَيْئًا أَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِ مِثْلِهِ، فَإِنِ امْتَنَعَ مِنَ الزِّيَادَةِ، فَوَجْهَانِ، أَحَدُهُمَا: يُقْنَعُ بِالدِّينَارِ، وَأَصَحُّهُمَا: أَنَّهُ نَاقِضٌ لِلْعَهْدِ بِذَلِكَ، كَمَا لَوِ امْتَنَعَ مِنْ أَدَاءِ أَصْلِ الْجِزْيَةِ، وَحِينَئِذٍ هَلْ يُبَلَّغُ الْمَأْمَنَ أَمْ يُقْتَلُ؟ قَوْلَانِ سَنَذْكُرُهُمَا - إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى - فَإِنْ بُلِّغَ الْمَأْمَنَ وَعَادَ، فَطَلَبَ الْعَقْدَ بِدِينَارٍ، أَجَبْنَاهُ، هَكَذَا ذَكَرَهُ الْبَغَوِيُّ، وَأَطْلَقَ الْإِمَامُ أَنَّهُ إِذَا قَبِلَ الزِّيَادَةَ، ثُمَّ نَبَذَ الْعَهْدَ إِلَيْنَا لَا يُغْتَالُ، وَإِذَا طَلَبَ تَجْدِيدَ عَقْدٍ بِالدِّينَارِ، لَزِمَ إِجَابَتُهُ، ثُمَّ إِنْ كَانَ النَّبْذُ بَعْدَ مُضِيِّ سَنَةٍ، لَزِمَهُ مَا الْتَزَمَ، وَإِنْ كَانَ فِي أَثْنَائِهَا، لَزِمَهُ بِقِسْطِهِ تَفْرِيعًا عَلَى الْمَذْهَبِ فِيمَا إِذَا مَاتَ الذِّمِّيُّ فِي أَثْنَاءِ السَّنَةِ.
فَرْعٌ
نَصَّ أَنَّهُ لَوْ شَرَطٌ عَلَى قَوْمٍ أَنَّ عَلَى فَقِيرِهِمْ دِينَارًا، وَمُتَوَسَّطِهِمْ دِينَارَيْنِ، وَغَنِيِّهِمْ أَرْبَعَةً، جَازَ، وَالِاعْتِبَارُ فِي هَذِهِ الْأَحْوَالِ بِوَقْتِ الْأَخْذِ لَا بِوَقْتِ الْعَقْدِ، وَلَا بِمَا يَطْرَأُ، وَإِنْ قَالَ بَعْضُهُمْ: أَنَا مُتَوَسِّطٌ أَوْ فَقِيرٌ، قُبِلَ قَوْلُهُ إِلَّا أَنْ تَقُومَ بَيِّنَةٌ بِخِلَافِهِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: لَوْ مَاتَ الذِّمِّيُّ، أَوْ أَسْلَمَ بَعْدَ مُضِيِّ السَّنَةِ، لَمْ تَسْقُطِ الْجِزْيَةُ كَسَائِرِ الدُّيُونِ، فَتُؤْخَذُ مِنْ تَرِكَتِهِ وَمِنْهُ إِذَا أَسْلَمَ، وَلَوْ مَضَتْ سُنُونَ وَلَمْ يُؤَدِّ الْجِزْيَةَ، أُخِذَتْ مِنْهُ وَلَمْ تَتَدَاخَلْ كَالدُّيُونِ، وَلَوْ مَاتَ أَوْ أَسْلَمَ فِي أَثْنَاءِ السَّنَةِ، فَهَلْ يَجِبُ قِسْطُ مَا مَضَى كَالْأُجْرَةِ أَمْ لَا يَجِبُ شَيْءٌ كَالزَّكَاةِ؟ قَوْلَانِ أَظْهَرُهُمَا: الْأَوَّلُ، وَقِيلَ: تَجِبُ قَطْعًا، وَقِيلَ: عَكْسُهُ، وَقِيلَ: لَا تَجِبُ فِي الْمَوْتِ، وَفِي الْإِسْلَامِ الْقَوْلَانِ، فَإِنْ أَوْجَبْنَا، فَهَلْ لِلْإِمَامِ أَنْ يُطَالِبَ فِي أَثْنَاءِ السَّنَةِ بِقِسْطِ مَا مَضَى؟ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute