لَا، وَيَقْرُبُ مِنْهُ مَا ذَكَرَهُ الْبَغَوِيُّ هَلْ لِلْإِمَامِ أَنْ يَشْتَرِطَ تَعْجِيلَهَا؟ وَجْهَانِ، وَجْهُ الْجَوَازِ إِلْحَاقُهَا بِالْأُجْرَةِ، وَمَتَى مَاتَ وَعَلَيْهِ جِزْيَةٌ، أُخِذَتْ مِنْ تَرِكَتِهِ مُقَدَّمَةً عَلَى الْوَصِيَّةِ، كَسَائِرِ الدُّيُونِ، فَتُؤْخَذُ مِنْ تَرِكَتِهِ، وَمِنْهُ إِذَا أَسْلَمَ، فَلَوْ كَانَ مَعَهَا دَيْنُ آدَمِيٍّ، فَالْمُذْهَبُ وَالْمَنْصُوصُ أَنَّهُ يُسَوَّى بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ، وَقِيلَ: فِيهِ الْأَقْوَالُ الثَّلَاثَةُ فِي اجْتِمَاعِ دَيْنِ اللَّهِ تَعَالَى وَدَيْنِ الْآدَمِيِّ هَلْ يُقَدَّمُ ذَا أَمْ ذَاكَ أَمْ يَسْتَوِي، وَفِي «الْوَسِيطِ» طَرِيقَةٌ حَازِمَةٌ بِتَقْدِيمِ الْجِزْيَةِ، وَهُوَ غَلَطٌ.
الثَّالِثَةُ: يُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ إِذَا أَمْكَنَهُ أَنْ يَشْرُطَ عَلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ إِذَا صُولِحُوا فِي بُلْدَانِهِمْ ضِيَافَةَ مَنْ يَمُرُّ بِهِمْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَشَرْطُ الضِّيَافَةِ يَكُونُ لِجَمِيعِ الطَّارِقِينَ، وَلَا يَخْتَصُّ بِأَهْلِ الْفَيْءِ، هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ، وَبِهِ قَطَعَ الْجُمْهُورُ، وَقِيلَ: فِي اخْتِصَاصِهِمْ وَجْهَانِ، وَهَلِ الضِّيَافَةُ زِيَادَةٌ مَقْصُودَةٌ فِي نَفْسِهَا أَمْ مَحْسُوبَةٌ مِنَ الْجِزْيَةِ؟ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا وَأَشْهَرُهُمَا: أَنَّهَا زِيَادَةٌ وَرَاءَ أَقَلِّ الْجِزْيَةِ، فَعَلَى هَذَا إِنْ قَبِلُوهَا، لَزِمَ الْوَفَاءُ، وَجَرَتْ مَجْرَى الزِّيَادَةِ عَلَى دِينَارٍ، وَإِنْ قُلْنَا: إِنَّهَا مِنَ الْجِزْيَةِ فَعَلِمْنَا فِي آخِرِ السَّنَةِ أَنَّ مَا ضَيَّفُوا بِهِ لَا يَنْقُصُ عَنْ دِينَارٍ فَذَاكَ، وَإِنْ نَقَصَ، لَزِمَهُمْ تَتْمِيمُهُ، وَإِذَا شَرَطْنَا الضِّيَافَةَ، ثُمَّ رَأَى الْإِمَامُ نَقْلَهَا إِلَى الدَّنَانِيرِ، فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ عَلَى الْأَصَحِّ إِلَّا بِرِضَاهُمْ، فَإِنْ رُدَّتْ إِلَى الدَّنَانِيرِ، فَهَلْ يَبْقَى لِلْمَصَالِحِ الْعَامَّةِ، أَمْ يَخْتَصُّ بِأَهْلِ الْفَيْءِ؟ وَجْهَانِ، أَصَحُّهُمَا: الِاخْتِصَاصُ، كَالدَّنَانِيرِ الْمَضْرُوبَةِ، وَتُشْتَرَطُ الضِّيَافَةُ عَلَى الْغَنِيِّ وَالْمُتَوَسِّطِ، وَفِي الْفَقِيرِ أَوْجُهٌ، أَصَحُّهَا: لَا تُشْتَرَطُ عَلَيْهِ، وَالثَّانِي: بَلَى، وَالثَّالِثُ: تُشْتَرَطُ عَلَى الْمُعْتَمِلِ دُونَ غَيْرِهِ وَيَتَعَرَّضُ الْإِمَامُ عِنْدَ اشْتِرَاطِ الضِّيَافَةِ لِأُمُورٍ مِنْهَا: أَنْ يُبَيِّنَ عَدَدَ أَيَّامِ الضِّيَافَةِ فِي الْحَوْلِ، كَمِائَةِ يَوْمٍ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ، وَفِي «الْبَحْرِ» أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَذْكُرْ عَدَدَ الْأَيَّامِ فِي الْحَوْلِ وَشَرَطَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مَثَلًا عِنْدَ قُدُومِ كُلِّ قَوْمٍ، فَوَجْهَانِ، إِنْ جَعَلْنَاهَا جِزْيَةً، لَمْ يَجُزْ، وَإِلَّا فَيَجُوزُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute