للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مِنَ الْأَعْيَادِ، وَضَرْبِ النَّاقُوسِ، وَالْجَهْرِ بِالتَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ، وَلَا شَكَّ فِي أَنَّهُمْ لَا يُمْنَعُونَ مِنْ إِيوَاءِ الْجَاسُوسِ، وَتَبْلِيغِ الْأَخْبَارِ، وَمَا يَتَضَرَّرُ بِهِ الْمُسْلِمُونَ فِي دِيَارِهِمْ، وَحَيْثُ قُلْنَا: لَا يَجُوزُ الْإِحْدَاثُ، وَجَوَّزْنَا إِبْقَاءَ الْكَنِيسَةِ، فَلَا مَنْعَ مِنْ عِمَارَتِهَا إِذَا اسْتَرَمَّتْ، وَهَلْ يَجِبُ إِخْفَاءُ الْعِمَارَةِ؟ وَجْهَانِ، أَحَدُهُمَا: نَعَمْ، لِأَنَّ إِظْهَارَهَا زِينَةٌ تُشْبِهُ الِاسْتِحْدَاثَ، وَأَصَحُّهُمَا: لَا، فَيَجُوزُ تَطْيِينُهَا مِنْ دَاخِلٍ وَخَارِجٍ، وَيَجُوزُ إِعَادَةُ الْجِدَارِ السَّاقِطِ، وَعَلَى الْأَوَّلِ يُمْنَعُونَ مِنْ تَطْيِينِ خَارِجِهَا، وَإِذَا أَشْرَفَ الْجِدَارُ عَلَى الْخَرَابِ، فَلَا وَجْهَ إِلَّا أَنْ يَبْنُوا جِدَارًا دَاخِلَ الْكَنِيسَةِ، وَقَدْ تَمَسُّ الْحَاجَةُ إِلَى جِدَارٍ ثَالِثٍ وَرَابِعٍ، فَيَنْتَهِي الْأَمْرُ إِلَى أَنَّهُ لَا يَبْقَى مِنَ الْكَنِيسَةِ شَيْءٌ، وَيُمْكِنُ أَنْ يَكْتَفِيَ مَنْ يُوجِبُ الْإِخْفَاءَ بِإِسْبَالِ سِتْرٍ تَقَعُ الْعِمَارَةُ وَرَاءَهُ، أَوْ بِإِيقَاعِهَا فِي اللَّيْلِ، وَإِذَا انْهَدَمَتِ الْكَنِيسَةُ الْمُبْقَاةُ، فَلَهُمْ إِعَادَتُهَا عَلَى الْأَصَحِّ، وَمَنَعَهَا الْإِصْطَخْرِيُّ وَابْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ، فَإِنْ جَوَّزْنَا، فَلَيْسَ لَهُمْ تَوْسِيعُ خُطَّتِهَا عَلَى الصَّحِيحِ، وَيُمْنَعُونَ مِنْ ضَرْبِ النَّاقُوسِ فِي الْكَنِيسَةِ، كَمَا يُمْنَعُونَ مِنْ إِظْهَارِ الْخَمْرِ، وَقِيلَ: لَا يُمْنَعُونَ تَبَعًا لِلْكَنِيسَةِ، وَهَذَا الْخِلَافُ فِي كَنِيسَةِ بَلَدٍ صَالَحْنَاهُمْ عَلَى أَنَّ أَرْضَهُ لَنَا، فَإِنْ صَالَحْنَاهُمْ عَلَى أَنَّ الْأَرْضَ لَهُمْ، فَلَا مَنْعَ قَطْعًا كَمَا سَبَقَ، قَالَ الْإِمَامُ: وَأَمَّا نَاقُوسُ الْمَجُوسِ، فَلَسْتُ أَرَى فِيهِ مَا يُوجِبُ الْمَنْعَ، وَإِنَّمَا هُوَ مَحُوطٌ وَبُيُوتُ يَجْمَعُ فِيهَا الْمَجُوسُ جِيَفَهُمْ، وَلَيْسَ كَالْبِيَعِ وَالْكَنَائِسِ، فَإِنَّهَا تَتَعَلَّقُ بِالشِّعَارِ.

الْأَمْرُ الثَّانِي: فِي الْبِنَاءِ، فَيُمْنَعُونَ مِنْ إِطَالَتِهِ وَرَفْعِهِ عَلَى بِنَاءِ جِيرَانِهِمْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فَإِنْ فَعَلُوا، هُدِمَ، هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ، وَحَكَى ابْنُ كَجٍّ قَوْلًا آخَرَ: أَنَّ لَهُمُ الرَّفْعَ، فَعَلَى الْمَذْهَبِ الِاعْتِبَارُ بِبِنَاءِ جَارِهِ عَلَى الصَّحِيحِ، وَفِي وَجْهٍ: لَا يُطِيلُ عَلَى بِنَاءِ أَحَدٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فِي ذَلِكَ الْمِصْرِ، وَسَوَاءً كَانَ بِنَاءُ الْجَارِ مُعْتَدِلًا أَوْ فِي غَايَةِ الْقِصَرِ، وَلِلْإِمَامِ احْتِمَالٌ فِيمَا هُوَ فِي غَايَةِ الْقِصَرِ، ثُمَّ الْمَنْعُ لِحَقِّ الدِّينِ لَا لِمَحْضِ حَقِّ الْجَارِ، فَيُمْنَعُ وَلَوْ

<<  <  ج: ص:  >  >>