رَضِيَ الْجَارُ، وَهَذَا الْمَنْعُ وَاجِبٌ، وَقِيلَ: مُسْتَحَبٌّ، وَيُمْنَعُونَ مِنَ الْمُسَاوَاةِ عَلَى الْأَصَحِّ، وَلَوْ كَانَ أَهْلُ الذِّمَّةِ فِي مَوْضِعٍ مُنْفَرِدٍ، كَطَرَفٍ مِنَ الْبَلَدِ مُنْقَطِعٍ عَنِ الْعِمَارَةِ، فَلَا مَنْعَ مِنْ رَفْعِ الْبِنَاءِ عَلَى الصَّحِيحِ، وَلَوْ مَلَكَ ذِمِّيٌّ دَارًا رَفِيعَةَ الْبِنَاءِ، لَمْ يُكَلَّفْ هَدْمَهَا، فَإِنِ انْهَدَمَتْ، فَأَعَادَهَا، مُنِعَ مِنَ الرَّفْعِ، وَفِي الْمُسَاوَاةِ الْوَجْهَانِ، وَلَوْ فُتِحَتْ بَلْدَةٌ صُلْحًا عَلَى أَنَّهَا لِلْمُسْلِمِينَ، لَمْ تُهْدَمْ أَبْنِيَتُهُمُ الرَّفِيعَةُ فِيهَا وَيُمْنَعُونَ مِنَ الْإِحْدَاثِ، ذَكَرَهُ الْبَغَوِيُّ.
الثَّالِثُ: يُمْنَعُونَ مِنْ رُكُوبِ الْخَيْلِ عَلَى الصَّحِيحِ، لِأَنَّ فِيهِ عِزًّا، وَحَكَى ابْنُ كَجٍّ أَنْ لَا مَنْعَ، كَمَا لَا مَنْعَ مِنْ ثِيَابٍ نَفِيسَةٍ، وَاسْتَثْنَى الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ الْبَرَاذِينَ، وَفِي الْبِغَالِ وَجْهَانِ، أَحَدُهُمَا: الْمَنْعُ، وَبِهِ قَالَ الْفُورَانِيُّ وَالْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ، وَأَصَحُّهُمَا: لَا مَنْعَ، وَبِهِ قَطَعَ كَثِيرُونَ، وَلَا مَنْعَ مِنَ الْحُمُرِ وَإِنْ كَانَتْ رَفِيعَةَ الْقِيمَةِ، وَإِذَا رَكِبُوا، لَمْ يَرْكَبُوا السُّرُوجَ بَلِ الْأَكُفَّ، وَيَرْكَبُونَ عَرْضًا، وَهُوَ أَنْ يَجْعَلَ الرَّاكِبُ رِجْلَيْهِ مِنْ جَانِبٍ وَاحِدٍ وَعَنِ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ أَنَّ لَهُمُ الرُّكُوبَ عَلَى اسْتِوَاءٍ، وَيَحْسُنُ أَنْ يَتَوَسَّطَ، فَيُفَرَّقُ بَيْنَ أَنْ يَرْكَبَ إِلَى مَسَافَةٍ قَرِيبَةٍ فِي الْبَلَدِ، أَوْ إِلَى مَسَافَةٍ بَعِيدَةٍ، فَيُمْنَعُ فِي الْحَضَرِ وَيَكُونُ رِكَابُهُمْ مِنْ خَشَبٍ لَا حَدِيدٍ، وَجَوَّزَ ابْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ الْحَدِيدَ، وَيُمْنَعُونَ مِنْ تَقَلُّدِ السُّيُوفِ وَحَمْلِ السِّلَاحِ، وَمِنْ لُجُمِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، وَذَكَرَ ابْنُ كَجٍّ أَنَّ هَذَا كُلَّهُ فِي الذُّكُورِ الْبَالِغِينَ، فَأَمَّا النِّسَاءُ وَالصِّغَارُ، فَلَا يُلْزَمُونَ الصَّغَارَ، كَمَا لَا جِزْيَةَ عَلَيْهِمْ.
فَرْعٌ
لَا يُتْرَكُ لِذِمِّيٍّ صَدْرَ الطَّرِيقِ، بَلْ يُلْجَأُ إِلَى أَضْيَقِهِ إِذَا كَانَ الْمُسْلِمُونَ يَطْرُقُونَ، فَإِنْ خَلَتِ الطُّرُقُ عَنِ الزَّحْمَةِ، فَلَا حَرَجَ، وَلْيَكُنِ الضِّيقُ بِحَيْثُ لَا يَقَعُ فِي وَهْدَةٍ، وَلَا يَصْدِمُهُ جِدَارٌ، وَلَا يُوقَرُ، وَلَا يُصَدَّرُ فِي مَجْلِسٍ إِذَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute