مَهْرَ مَنْ جَاءَتْ مُسْلِمَةً؟ قَوْلَانِ، أَظْهَرُهُمَا: لَا، وَقِيلَ: إِنْ كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ وَجَبَ الْغُرْمُ قَطْعًا، قَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ: هَذَا سَهْوٌ مِنْ قَائِلِهِ، وَإِنْ شَرَطَ الرَّدَّ، نُظِرَ إِنْ أَطْلَقَ فَقَالَ: بِشَرْطِ أَنْ نَرُدَّ مَنْ جَاءَنَا مِنْهُمْ، فَفِي وُجُوبِ الْغُرْمِ الْقَوْلَانِ، وَقَدْ يُقَالُ: إِنْ أَوْجَبْنَا عِنْدَ الْإِطْلَاقِ، فَهُنَا أَوْلَى، وَإِلَّا فَقَوْلَانِ، وَلَوْ صَرَّحَ بِشَرْطِ رَدِّ النِّسَاءِ، فَهُوَ فَاسِدٌ، وَفِي فَسَادِ الْعَقْدِ بِهِ مَا سَبَقَ، فَإِنْ لَمْ يُفْسِدْهُ، فَفِي الْغُرْمِ الْخِلَافُ السَّابِقُ بِالتَّرْتِيبِ، وَيَتَفَرَّعُ عَلَى وُجُوبِ الْغُرْمِ مَسَائِلُ:
مِنْهَا: الْمَغْرُومُ، وَهُوَ الْمَبْذُولُ مِنْ صَدَاقِهَا، وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: عِنْدِي أَنَّهُ هُوَ الْأَقَلُّ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ وَالْمَبْذُولِ، وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ، وَبِهِ قَالَ الْجُمْهُورُ، وَلَوْ لَمْ يَدْفَعْ إِلَيْهَا شَيْئًا، فَلَا شَيْءَ لَهُ، وَلَوْ لَمْ يَدْفَعْ إِلَّا بَعْضَهُ، لَمْ يَسْتَحِقَّ إِلَّا ذَلِكَ الْقَدْرَ، وَلَوْ كَانَ أُعْطَاهَا أَكْثَرَ مِنَ الْمُسَمَّى، لَمْ يَسْتَحِقَّ الزِّيَادَةَ، كَمَا لَا يَسْتَحِقُّ مَا أَطْعَمَهَا وَكَسَاهَا وَأَنْفَقَهُ فِي الْعُرْسِ، لِأَنَّهُ مُتَبَرِّعٌ بِهِ، وَلِأَنَّهُ لَيْسَ بَدَلَ الْبُضْعِ الَّذِي حُلْنَا بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ.
وَمِنْهَا: لَا يَثْبُتُ الْغُرْمُ بِمُجَرَّدِ قَوْلِهِ: أَعْطَيْتُهَا صَدَاقَهَا، بَلْ يُنْظَرُ إِنْ أَنْكَرَتِ النِّكَاحَ، فَهِيَ الْمُصَدَّقَةُ وَعَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ، وَإِنْ صَدَّقَتْهُ وَأَنْكَرَتِ الْقَبْضَ، فَفِي «الشَّامِلِ» وَغَيْرِهِ: أَنَّهَا تُصَدَّقُ بِالْيَمِينِ، وَعَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ، وَقَالَ الرُّويَانِيُّ: لَا يَمِينَ عَلَيْهَا، لِأَنَّ الصَّدَاقَ عَلَى غَيْرِهَا، وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ: يَفْحَصُ الْإِمَامُ عَنْ مَهْرِ مِثْلِهَا، فَقَدْ يَعْرِفُهُ مَنْ تُجَّارِ الْمُسْلِمِينَ الَّذِينَ دَخَلُوا دَارَ الْحَرْبِ، وَمِنَ الْأَسَارَى، ثُمَّ يَحْلِفُ الرَّجُلُ أَنَّهُ أَصْدَقَهَا ذَلِكَ الْقَدْرَ وَسَلَّمَهُ، وَلَوِ ادَّعَى الدَّفْعَ وَصَدَّقَتْهُ، فَقَدْ نَقَلَ الْإِمَامُ عَنِ الْعِرَاقِيِّينَ أَنَّ إِقْرَارَهَا كَالْبَيِّنَةِ، وَقَالُوا: تَعْسِرُ إِقَامَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَى مَا يَجْرِي بَيْنَ الْكُفَّارِ، وَرَأَى الْإِمَامُ أَنْ يَعْتَمِدَ قَوْلَهَا وَلَا يَجْعَلَهُ حُجَّةً عَلَيْنَا.
وَمِنْهَا: مَحَلُّ الْغُرْمِ سَهْمُ الْمَصَالِحِ، وَحَكَى ابْنُ كَجٍّ وَجْهًا أَنَّهُ إِنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute