للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كَانَ لِلْمَرْأَةِ مَالٌ، أُخِذَ مِنْهَا، وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ، فَإِنْ هَاجَرَتْ إِلَى بَلَدٍ فِيهِ الْإِمَامُ، غَرِمَ الْمَهْرَ، وَإِنْ هَاجَرَتْ إِلَى بَلَدٍ فِيهِ نَائِبُهُ، فَكَذَلِكَ، وَهَلِ الْمُعْتَبَرُ نَائِبُهُ فِي عَقْدِ الْهُدْنَةِ، أَمْ فِي بَيْتِ الْمَالِ؟ وَجْهَانِ، وَإِنْ هَاجَرَتْ إِلَى بَلَدٍ لَيْسَ فِيهِ الْإِمَامُ وَلَا نَائِبُهُ، فَعَلَى أَهْلِ الْبَلَدِ مَنْعُهَا حِسْبَةً وَلَا يَغْرَمُونَ الْمَهْرَ، قَالَ ابْنُ كَجٍّ: وَلَيْسَ عَلَى الْإِمَامِ وَالْحَالَةِ هَذِهِ رَدُّ الْمَهْرِ، كَمَا لَوْ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى غَيْرِ بَلَدِ الْإِمَامِ لَا يَلْزَمُهُ أَنْ يُخَلِّيَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَنْ يَطْلُبُهُ، وَالْأَحْسَنُ مَا حَكَاهُ الْبَغَوِيُّ وَغَيْرُهُ: أَنَّهُ إِنْ قَالَ عِنْدَ الْمُهَادَنَةِ: مَنْ جَاءَنِي مِنْكُمْ مُسْلِمًا رَدَدْتُهُ، لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ، لِأَنَّهَا مَا جَاءَتْهُ، وَإِنْ قَالَ: مَنْ جَاءَ الْمُسْلِمِينَ، أَوْ مَنْ جَاءَنَا، وَجَبَ.

وَمِنْهَا: لَوْ وَهَبَتْهُ الصَّدَاق، أَوْ أَبْرَأَتْهُ فَعَلَى الْخِلَافِ فِي التَّشَطُّرِ.

وَمِنْهَا: إِذَا جَاءَتْ مُسْلِمَةً، ثُمَّ أَسْلَمَ الزَّوْجُ، نُظِرَ إِنْ أَسْلَمَ قَبْلَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا، فَالنِّكَاحُ مُسْتَمِرٌّ، وَلَيْسَ لَهَا طَلَبُ الْمَهْرِ، وَإِنْ أَخَذَهُ قَبْلَ الْإِسْلَامِ، لَزِمَهُ رَدُّهُ إِذَا زَالَتِ الْحَيْلُولَةُ، وَإِنْ لَمْ يُسْلِمْ حَتَّى انْقَضَتْ عِدَّتُهَا، نُظِرَ إِنْ أَخَذَ الْمَهْرَ قَبْلَ الْإِسْلَامِ، لَمْ يُسْتَرْجَعْ مِنْهُ، وَصَارَ بِالْقَبْضِ كَالْمُسْتَهْلَكِ فِي الشِّرْكِ، وَإِنْ لَمْ يَأْخُذْهُ، فَإِنْ طَالَبَتْ بِهِ قَبْلَ إِسْلَامِهِ، اسْتَقَرَّ لَهُ الْمَهْرُ لِحُصُولِ الْحَيْلُولَةِ بِإِسْلَامِهَا، وَمَنَعْنَا إِيَّاهَا مِنْهُ، وَعَنْ أَبِي إِسْحَاقَ أَنَّهُ لَا مَهْرَ لَهُ، وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ، وَإِنْ لَمْ يُطَالِبْ بِهَا قَبْلَ إِسْلَامِهِ، فَلَا شَيْءَ لَهُ، لِأَنَّ الْحَيْلُولَةَ حَصَلَتْ بِالْبَيْنُونَةِ بِاخْتِلَافِ الدِّينِ، وَلَا مُطَالَبَةَ بِالْمَهْرِ بَعْدَ الْبَيْنُونَةِ، فَلَوْ كَانَتِ الصُّورَةُ بِحَالِهَا، وَلَمْ يَكُنْ أُعْطَاهَا الْمَهْرَ، فَلَمَّا أَسْلَمْ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ أَخَذَتِ الْمَهْرَ بِسَبَبِ الْمَسِيسِ، فَهَلْ تَغْرَمُ لَهُ ذَلِكَ؟ فِيهِ احْتِمَالَانِ لِلْإِمَامِ، وَجَعَلَهُمَا الْغَزَالِيُّ وَجْهَيْنِ، أَرْجَحُهُمَا: الْمَنْعُ، هَذَا إِذَا كَانَ إِسْلَامُهَا بَعْدَ الدُّخُولِ، فَإِنْ جَاءَتْ مُسْلِمَةً قَبْلَ الدُّخُولِ وَأَسْلَمَ الزَّوْجُ بَعْدَهَا، لَمْ يَكُنْ لَهُ طَلَبُ الْمَهْرِ، لِأَنَّهُ أَسْلَمَ بَعْدَ الْبَيْنُونَةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>