للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَحَدُهُمَا: الصِّحَّةُ، لِلْإِمْكَانِ وَحُصُولِ الْحِذْقِ، وَأَصَحُّهُمَا: الْفَسَادُ، لِبُعْدِ حُصُولِ الْمَقْصُودِ، وَيَجْرِي الْخِلَافُ فِي كُلِّ صُورَةٍ تَنْدُرُ فِيهَا الْإِصَابَةُ الْمَشْرُوطَةُ، فَمِنْهَا: التَّنَاضُلُ إِلَى مَسَافَةٍ تَنْدُرُ فِيهَا الْإِصَابَةُ، وَالتَّنَاضُلُ فِي اللَّيْلَةِ الْمُظْلِمَةِ وَإِنْ كَانَ الْغَرَضُ قَدْ يَتَرَاءَى لَهُمَا، وَيَقْرُبُ مِنْ هَذَا مَا ذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ أَنَّ الْمُتَنَاضِلَيْنِ يَنْبَغِي أَنْ يَتَقَارَبَا فِي الْحِذْقِ بِحَيْثُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ كُلُّ وَاحِدٍ فَاضِلًا وَمَفْضُولًا، فَإِنْ تَفَاوَتَا وَكَانَ أَحَدُهُمَا مُصِيبًا فِي أَكْثَرِ رَمْيِهِ، وَالْآخَرُ يُخْطِئُ فِي أَكْثَرِهِ، فَوَجْهَانِ، وَيَتَعَلَّقُ بِهَذَا الشَّرْطِ أَنَّ الْمُحَلِّلَ بَيْنَ الْمُتَنَاضِلَيْنِ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ بِحَيْثُ يُمْكِنُ فَوْزُهُ وَقُصُورُهُ، فَإِنْ عُلِمَ قُصُورُهُ، فَوُجُودُهُ كَعَدَمِهِ، وَإِنْ عُلِمَ فَوْزُهُ فَعَلَى الْوَجْهَيْنِ فِي إِصَابَةِ وَاحِدٍ مِنْ مِائَةٍ.

الشَّرْطُ الرَّابِعُ: الْإِعْلَامُ، فَيُشْتَرَطُ فِي الْمُنَاضَلَةِ الْعِلْمُ بِأُمُورٍ لِاخْتِلَافِ الْغَرَضِ بِاخْتِلَافِهَا، مِنْهَا: الْمَالُ الْمَشْرُوطُ عَلَى مَا ذَكَرْنَا فِي الْمُسَابَقَةِ، وَمِنْهَا: عَدَدُ الْإِصَابَةِ، كَخَمْسَةٍ مِنْ عِشْرِينَ، وَلْيُبَيِّنَا صِفَةَ الْإِصَابَةِ مِنَ الْقَرْعِ، وَهُوَ الْإِصَابَةُ الْمُجَرَّدَةُ، وَالْخَرْقُ، وَهُوَ أَنْ يَثْقُبَ الْغَرَضَ، وَلَا يَثْبُتَ فِيهِ، وَالْخَسْقُ وَهُوَ أَنْ يَثْبُتَ فِيهِ، وَالْخَرْمُ وَهُوَ أَنْ يُصِيبَ طَرَفَ الْغَرَضِ فَيَخْرِمُهُ، وَالْمَرْقُ وَهُوَ أَنْ يَثْقُبَهُ، وَيَخْرُجَ مِنَ الْجَانِبِ الْآخَرِ، ثُمَّ كَتَبَ كَثِيرٌ مِنَ الْأَصْحَابِ مِنْهُمُ الْعِرَاقِيُّونَ مُصَرَّحَةً بِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ مَا يُرِيدَانِ مِنْ هَذِهِ الصِّفَاتِ سِوَى الْخَرْمِ وَالْمَرْقِ، فَإِنَّهُمْ لَمْ يَشْرُطُوا التَّعَرُّضَ لَهُمَا، وَالْأَصَحُّ مَا ذَكَرَهُ الْبَغَوِيُّ: أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ التَّعَرُّضُ لِشَيْءٍ مِنْهَا، كَالْخَرْمِ وَالْمَرْقِ، وَكَإِصَابَةِ أَعْلَى الشَّنِّ وَأَسْفَلِهِ، قَالَ: وَإِذَا أَطْلَقَا الْعَقْدَ حَمِلَ عَلَى الْقَرْعِ، لِأَنَّهُ الْمُتَعَارَفُ، وَأَحْسَنُ مِنْ هَذِهِ الْعِبَارَةِ أَنْ يُقَالَ: حَقِيقَةُ اللَّفْظِ مَا يَشْتَرِكُ فِيهِ جَمِيعُ ذَلِكَ، وَمِنْهَا: إِعْلَامُ الْمَسَافَةِ الَّتِي يَرْمِيَانِ فِيهَا، وَفِي وُجُوبِهِ قَوْلَانِ حَكَاهُمَا الْإِمَامُ، أَحَدُهُمَا: نَعَمْ، لِاخْتِلَافِ الْغَرَضِ بِهَا، وَالثَّانِي: لَا، وَيَنْزِلُ عَلَى الْعَادَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>