الْغَالِبَةِ لِلرُّمَاةِ هُنَاكَ إِنْ كَانَتْ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ عَادَةً وَجَبَ قَطْعًا، وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ مَا أَطْلَقَهُ الْأَكْثَرُونَ مِنَ اشْتِرَاطِ الْإِعْلَامِ، وَلْيُرَجِّحْ مِنَ الْقَوْلَيْنِ: التَّنْزِيلُ عَلَى الْعَادَةِ الْغَالِبَةِ، لِأَنَّ الشَّرْطَ الْعِلْمُ بِهَا، وَذَلِكَ تَارَةً يَكُونُ بِالْإِعْلَامِ، وَتَارَةً بِقَرِينَةِ الْحَالِ، كَنَظَائِرِهِ، وَبِهَذَا قَطَعَ ابْنُ كَجٍّ، وَفِي «الْمُهَذَّبِ» «وَالتَّهْذِيبِ» أَنَّهُ إِذَا كَانَ هُنَاكَ غَرَضٌ مَعْلُومُ الْمَدَى، حُمِلَ مُطْلَقُ الْعَقْدِ عَلَيْهِ، وَلَوْ ذَكَرَا غَايَةً لَا تَبْلُغُهَا السِّهَامُ، بَطَلَ الْعَقْدُ، وَإِنْ كَانَتِ الْإِصَابَةُ فِيهَا نَادِرَةً، فَفِيهِ الْوَجْهَانِ، أَوِ الْقَوْلَانِ فِي الشُّرُوطِ النَّادِرَةِ، وَقَدَّرَ الْأَصْحَابُ الْمَسَافَةَ الَّتِي يَقْرُبُ تَوَقُّعُ الْإِصَابَةِ فِيهَا بِمِائَتَيْنِ وَخَمْسِينَ ذِرَاعًا، وَمَا تَتَعَذَّرُ فِيهِ بِمَا فَوْقَ ثَلَاثِمِائَةٍ وَخَمْسِينَ، وَمَا تَنْدُرُ فِيهِ بِمَا بَيْنَهُمَا، وَفِي وَجْهٍ لَا تَجُوزُ الزِّيَادَةُ عَلَى مِائَتَيْنِ، وَهُوَ شَاذٌّ، وَلَوْ تَنَاضَلَا عَلَى أَنْ يَكُونَ السَّبْقُ لِأَبْعَدِهِمَا رَمْيًا، وَلَمْ يَقْصِدَا غَرَضًا، صَحَّ الْعَقْدُ عَلَى الْأَصَحِّ، لِأَنَّ الْإِبْعَادَ مَقْصُودٌ أَيْضًا فِي مُقَاتَلَةِ الْقِلَاعِ وَنَحْوِهَا، وَحُصُولِ الْإِرْعَابِ، وَامْتِحَانِ شِدَّةِ السَّاعِدِ، قَالَ الْإِمَامُ: وَالَّذِي أَرَاهُ عَلَى هَذَا أَنَّهُ يُشْتَرَطُ اسْتِوَاءُ الْقَوْسَيْنِ فِي الشِّدَّةِ، وَتُرَاعَى خِفَّةُ السَّهْمِ وَرَزَانَتُهُ، لِأَنَّهُمَا تُؤَثِّرَانِ فِي الْقُرْبِ وَالْبُعْدِ تَأْثِيرًا عَظِيمًا.
وَمِنْهَا: إِعْلَامُ قَدْرِ الْغَرَضِ طُولًا وَعَرْضًا، وَالْكَلَامُ فِيهِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا فِي الْمَسَافَةِ.
وَمِنْهَا: ارْتِفَاعُهُ عَنِ الْأَرْضِ وَانْخِفَاضُهُ، وَهَلْ يُشْتَرَطُ بَيَانُهُ أَمْ لَا يُشْتَرَطُ؟ وَيُحْمَلُ عَلَى الْوَسَطِ فِيهِ مِثْلَ الْخِلَافِ السَّابِقِ. وَاعْلَمْ أَنَّ الْهَدَفَ هُوَ التُّرَابُ الَّذِي يَجْتَمِعُ، أَوِ الْحَائِطُ الَّذِي يُبْنَى لِيُنْصَبَ فِيهِ الْغَرَضُ، وَالْغَرَضُ قَدْ يَكُونُ مِنْ خَشَبٍ أَوْ قِرْطَاسٍ أَوْ جِلْدٍ، أَوْ شَنٍّ وَهُوَ الْجِلْدُ الْبَالِي، وَقِيلَ: كُلُّ مَا نُصِبَ فِي الْهَدَفِ، فَهُوَ قِرْطَاسً، سَوَاءً كَانَ مِنْ كَاغِدٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَمَا تَعَلَّقَ فِي الْهَوَاءِ، فَهُوَ الْغَرَضُ وَالرُّقْعَةُ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute