للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَلَمْ يَدْخُلْ، حَنِثَ، وَكَذَا لَوْ لَمْ يَعْرِفْ مَشِيئَةً بِأَنْ جُنَّ، أَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ حَتَّى مَضَى الْيَوْمُ، حَنِثَ هَكَذَا نَقَلَهُ الْمُزَنِيُّ عَنِ النَّصِّ، وَلَوْ قَالَ: وَاللَّهِ لَا أَدْخُلُ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ زَيْدٌ الدُّخُولَ، فَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ، لَمْ يَحْنَثْ، وَإِنْ دَخَلَ وَقَدْ شَاءَ زَيْدٌ دُخُولَهُ قَبْلَ ذَلِكَ، لَمْ يَحْنَثْ أَيْضًا، وَإِنْ كَانَ شَاءَ أَنْ لَا يَدْخُلَ، حَنِثَ، وَلَا تُغْنِي مَشِيئَةُ الدُّخُولِ بَعْدَ ذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ مَشِيئَتَهُ، فَرِوَايَةُ الرَّبِيعِ عَنِ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ، وَالرِّوَايَتَانِ مُخْتَلِفَتَانِ وَالصُّورَتَانِ مُتَشَابِهَتَانِ، وَلِلْأَصْحَابِ فِيهِمَا طَرِيقَانِ، أَحَدُهُمَا: الْقَطْعُ بِالْحِنْثِ، وَحَمْلُ رِوَايَةِ الرَّبِيعِ عَلَى مَا إِذَا لَمْ يَحْصُلِ الْيَأْسُ مِنْ مَشِيئَةٍ، أَوْ أَنَّهُ رَجَعَ عَنْهُ وَلَمْ يَعْلَمِ الرَّبِيعُ رُجُوعَهُ. وَالثَّانِي فِيهِمَا قَوْلَانِ: أَظْهَرُهُمَا: يَحْنَثُ، لِأَنَّ الْمَانِعَ مِنْ حِنْثِهِ الْمَشِيئَةُ وَقَدْ جَعَلْنَاهَا، وَالثَّانِي: لَا، لِلشَّكِّ. وَلَوْ قَالَ: وَاللَّهِ لَأَدْخُلَنَّ إِنْ شَاءَ فُلَانٌ، إِنْ دَخَلَ، فَالْيَمِينُ مُعَلَّقَةٌ بِالْمَشِيئَةِ، فَلَا يَنْعَقِدُ قَبْلَهَا وَلَا حُكْمَ لِلدُّخُولِ قَبْلَهَا، فَإِنْ شَاءَ انْعَقَدَتْ، فَإِنْ دَخَلَ بَعْدَهُ، بَرَّ، وَإِلَّا حَنِثَ. وَيُنْظَرُ هَلْ قَيَّدَ الدُّخُولَ بِزَمَانٍ أَوْ أَطْلَقَ؟ وَعِنْدَ الْإِطْلَاقِ عُمُرُهُ وَقْتُ الدُّخُولِ، فَإِنْ مَاتَ قَبْلَهُ، حَكَمْنَا بِالْحِنْثِ قَبْلَ الْمَوْتِ، وَإِنْ شَاءَ فُلَانٌ أَنْ لَا يَدْخُلَ أَوْ لَمْ يَشَأْ شَيْئًا، أَوْ لَمْ تُعْرَفْ مَشِيئَتُهُ، فَلَا حِنْثَ لِأَنَّ الْيَمِينَ لَمْ تَنْعَقِدْ، وَكَذَا لَوْ قَالَ: وَاللَّهِ لَا أَدْخُلُ إِنْ شَاءَ فُلَانٌ أَنْ لَا أَدْخُلَ، فَلَا تَنْعَقِدُ يَمِينُهُ حَتَّى يَشَاءَ فُلَانٌ أَنْ لَا يَدْخُلَ.

الْخَامِسَةُ: الْحَلِفُ بِالْمَخْلُوقِ مَكْرُوهٌ كَالنَّبِيِّ وَالْكَعْبَةِ وَجِبْرِيلَ وَالصَّحَابَةِ وَالْآلِ. قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: أَخْشَى أَنْ يَكُونَ الْحَلِفُ بِغَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى مَعْصِيَةً. قَالَ الْأَصْحَابُ: أَيْ حَرَامًا وَإِثْمًا، فَأَشَارَ إِلَى تَرَدُّدٍ فِيهِ، قَالَ الْإِمَامُ: وَالْمَذْهَبُ الْقَطْعُ بِأَنَّهُ لَيْسَ بِحَرَامٍ، بَلْ مَكْرُوهٌ. ثُمَّ مَنْ حَلَفَ بِمَخْلُوقٍ لَمْ تَنْعَقِدْ يَمِينُهُ وَلَا كَفَّارَةَ فِي حِنْثِهِ. قَالَ الْأَصْحَابُ: فَلَوِ اعْتَقَدَ الْحَالِفُ فِي الْمَحْلُوفِ بِهِ مِنَ التَّعْظِيمِ مَا يَعْتَقِدُهُ فِي اللَّهِ تَعَالَى كَفَرَ، وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ مَا رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ:

<<  <  ج: ص:  >  >>