وَحَكَى ابْنُ كَجٍّ خِلَافًا فِيمَا إِذَا أَطْلَقَ، وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ يَمِينٌ، وَبِهِ قَطَعَ الْأَصْحَابُ، وَإِنْ نَوَى غَيْرَ ذَلِكَ الْيَمِينِ بِأَنْ قَالَ: أَرَدْتُ بِاللَّهِ وَثِقْتُ، أَوِ اعْتَصَمْتُ بِاللَّهِ أَوْ أَسْتَعِينُ أَوْ أُؤْمِنُ بِاللَّهِ ثُمَّ ابْتَدَأْتُ لَأَفْعَلَنَّ، فَالْمَذْهَبُ وَبِهِ قَطَعَ الْعِرَاقِيُّونَ وَالْبَغَوِيُّ وَالرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُمْ: أَنَّهُ لَيْسَ بِيَمِينٍ، وَاسْتَبْعَدَ الْإِمَامُ هَذَا وَجَعَلَهُ زَلَلًا أَوْ خَلَلًا مِنْ نَاسِخٍ. وَنُقِلَ أَنَّهُ لَوْ نَوَى غَيْرَ الْيَمِينِ وَادَّعَى التَّوْرِيَةَ لَمْ يُقْبَلْ فِيمَا تَعَلَّقَ بِحَقِّ آدَمِيٍّ، وَهَلْ يُدَيَّنُ بَاطِنًا؟ قِيلَ: وَجْهَانِ، وَقَالَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ: لَا يُدَيَّنُ قَطْعًا، لِأَنَّ الْكَفَّارَةَ تَتَعَلَّقُ بِاللَّفْظِ الْمُحَرَّمِ الَّذِي أَظْهَرَ مَا يُخَالِفُهُ، وَأَمَّا قَوْلُهُ: وَاللَّهِ، فَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ كَقَوْلِهِ: بِاللَّهِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا، وَأَشَارَ بَعْضُهُمْ إِلَى الْقَطْعِ بِأَنَّهُ يَمِينٌ بِكُلِّ حَالٍ، وَوَجْهُ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ قَدْ يُرِيدُ بِهِ الْقَائِلَ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ ثُمَّ يَبْتَدِئُ لَأَفْعَلَنَّ، وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ إِلَّا لَحْنٌ فِي الْإِعْرَابِ وَسَيَأْتِي نَظَائِرُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَأَمَّا إِذَا قَالَ: تَاللَّهِ لَأَفْعَلَنَّ بِالْمُثَنَّاةِ فَوْقُ، فَالْمَنْصُوصُ هُنَا وَفِي الْإِيلَاءِ أَنَّهُ يَمِينٌ، وَعَنْ نَصِّهِ فِي الْقَسَامَةِ أَنَّهُ لَيْسَ بِيَمِينٍ، وَلِلْأَصْحَابِ فِيهِ طُرُقٌ، أَحَدُهَا: الْعَمَلُ بِظَاهِرِ النَّصِّ. وَالثَّانِي: فِيهِمَا قَوْلَانِ، وَالثَّالِثُ وَهُوَ الْمَذْهَبُ وَبِهِ قَالَ ابْنُ سَلَمَةَ وَأَبُو إِسْحَاقَ وَابْنُ الْوَكِيلِ: الْقَطْعُ بِأَنَّهُ يَمِينٌ. قَالُوا: وَرِوَايَةُ النَّصِّ فِي الْقَسَامَةِ مُصَحَّفَةٌ إِنَّمَا هِيَ بِالْيَاءِ الْمُثَنَّاةِ تَحْتُ، لِأَنَّ الشَّافِعِيَّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَلَّلَ، فَقَالَ: لِأَنَّهُ دُعَاءٌ وَهَذَا إِنَّمَا يَلِيقُ بِالْمُثَنَّاةِ تَحْتُ. ثُمَّ قِيلَ: أَرَادَ إِذَا قَالَ يَا اللَّهُ عَلَى النِّدَاءِ أَوْ قِيلَ أَرَادَ يَا لَلَّهِ بِفَتْحِ اللَّامِ عَلَى الِاسْتِغَاثَةِ، وَهَذَا أَشْبَهُ وَأَقْرَبُ إِلَى التَّصْحِيفِ، وَقِيلَ: لَيْسَتْ مُصَحَّفَهً، بَلْ هِيَ مَحْمُولَةٌ عَلَى مَا إِذَا قَالَ لَهُ الْقَاضِي: قُلْ: بِاللَّهِ، فَقَالَ: تَاللَّهِ، فَلَا يُحْسَبُ ذَلِكَ، لِأَنَّ الْيَمِينَ يَكُونُ عَلَى وَفْقِ التَّحْلِيفِ، وَكَذَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute