الصَّحِيحُ الْمَنْصُوصُ لَا يُكَفِّرُ بِالصَّوْمِ، بَلْ يُطْعِمُ وَيَكْسُو، وَالْمَذْهَبُ: أَنَّهُ لَا يُكَفِّرُ بِالْإِعْتَاقِ لِتَضَمُّنِهِ الْوِلَايَةَ وَالْإِرْثَ، وَلَيْسَ هُوَ مِنْ أَهْلِهَا، وَقِيلَ: فِي تَكْفِيرِهِ بِالْعِتْقِ قَوْلَانِ، كَإِعْتَاقِ الْمُكَاتَبِ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ عَنْ كَفَّارَتِهِ، وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَخَرَّجَ الْمُزَنِيُّ أَنَّهُ يُكَفَّرُ بِالصَّوْمِ، وَصَوَّبَهُ ابْنُ سُرَيْجٍ، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ.
الْبَابُ الثَّالِثُ فِيمَا يَقَعُ بِهِ الْحِنْثُ
الْأَصْلُ الْمَرْجُوعُ إِلَيْهِ فِي الْبَرِّ وَالْحِنْثِ، اتِّبَاعُ مُقْتَضَى اللَّفْظِ الَّذِي تَعَلَّقَتْ بِهِ الْيَمِينُ، وَقَدْ يَتَطَرَّقُ إِلَيْهِ التَّقْيِيدُ وَالتَّخْصِيصُ، بِنِيَّةٍ تَقْتَرِنُ بِهِ، أَوْ بِاصْطِلَاحٍ خَاصٍّ، أَوْ قَرِينَةٍ، وَالصُّوَرُ الَّتِي تَدْخُلُ فِي الْبَابِ لَا تَتَنَاهَى، لَكِنْ تَكَلَّمَ الشَّافِعِيُّ وَالْأَصْحَابُ - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - فِي أَنْوَاعٍ تَغْلِبُ وَيَكْثُرُ اسْتِعْمَالُهَا، وَيُقَاسُ عَلَيْهَا غَيْرُهَا، وَفِيهِ أَنْوَاعٌ:
الْأَوَّلُ: الدُّخُولُ وَالْمُسَاكَنَةُ وَفِيهِ مَسَائِلُ: إِحْدَاهَا: لَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ الدَّارَ، حَنِثَ بِالْحُصُولِ فِي عَرْصَةِ الدَّارِ، وَأَبْنِيَتِهَا مِنَ الْبُيُوتِ وَالْغُرَفِ وَغَيْرِهَا، فَإِنْ صَعِدَ سَطْحَهَا، بِأَنْ تَسَوَّرَ جِدَارَهَا، أَوْ جَاءَ مِنْ دَارِ الْجَارِ لَمْ يَحْنَثْ، إِنْ كَانَ السَّطْحُ غَيْرَ مُحَوَّطٍ، وَلَا عَلَيْهِ سُتْرَةٌ، فَإِنْ كَانَ فَوَجْهَانِ، الْأَصَحُّ وَظَاهِرُ النَّصِّ: لَا يَحْنَثُ أَيْضًا، كَمَا لَوْ حَصَلَ عَلَى الْجِدَارِ، وَالثَّانِي: إِنْ كَانَ التَّحْوِيطُ مِنَ الْجَوَانِبِ الْأَرْبَعَةِ، حَنِثَ، وَإِنْ كَانَ مِنْ جَانِبٍ، فَلَا، وَإِنْ كَانَ مِنَ الْجَانِبَيْنِ، أَوْ ثَلَاثَةٍ، فَوَجْهَانِ مُرَتَّبَانِ. هَذَا إِذَا لَمْ يَكُنِ السَّطْحُ مُسَقَّفًا، فَإِنْ كَانَ مُسَقَّفًا كُلُّهُ أَوْ بَعْضُهُ حَنِثَ قَطْعًا إِذَا كَانَ يَصْعَدُ إِلَيْهِ مِنَ الدَّارِ، لِأَنَّهُ مِنْ أَبْنِيَةِ الدَّارِ، وَلَوْ حَلَفَ لَيَخْرُجَنَّ مِنَ الدَّارِ، فَهَلْ يَبِرُّ بِصُعُودِ السَّطْحِ، وَجْهَانِ، أَحَدُهُمَا: لَا، وَبِهِ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ، لِأَنَّهُ لَا يُعَدُّ خَارِجًا حَتَّى يُفَارِقَ السَّطْحَ، وَأَصَحُّهُمَا نَعَمْ، وَبِهِ قَالَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ، لِأَنَّهُ يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ: لَيْسَ هُوَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute