فَإِذَا رَجَعَ، ثُمَّ خَرَجَتْ، فَهَذَا خُرُوجٌ بِغَيْرِ إِذْنٍ، وَهُوَ أَوَّلُ مَا وُجِدَ بَعْدَ الْيَمِينِ، فَيَقَعُ الطَّلَاقُ. وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: قَوْلُهُ: إِلَّا بِإِذْنِي مُحْتَمِلٌ أَيْضًا لِلْغَايَةِ، فَيُحْمَلُ عَلَيْهَا. وَلَوْ قَالَ: إِنْ خَرَجْتِ بِغَيْرِ إِذْنِي لِغَيْرِ عِيَادَةٍ، فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَخَرَجَتْ لِعِيَادَةٍ، ثُمَّ عَرَضَتْ حَاجَةٌ فَاشْتَغَلَتْ بِهَا، لَمْ تُطَلَّقْ. وَإِنْ خَرَجَتْ لِعِيَادَةٍ وَغَيْرِهَا. فَالْمَذْكُورُ فِي «الشَّامِلِ» مَنْسُوبًا إِلَى نَصِّهِ فِي «الْأُمِّ» أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ، وَذَكَرَ الْبَغَوِيُّ أَنَّهُ الْأَصَحُّ. وَيُشْبِهُ أَنْ يُقَالَ: إِنْ كَانَ الْمَقْصُودُ بِقَوْلِهِ لِغَيْرِ عِيَادَةٍ مَا هُوَ بِمَعْزِلٍ عَنْهَا، لَمْ يَحْنَثْ، وَهَذَا هُوَ السَّابِقُ إِلَى الْفَهْمِ مِنْهُ، وَإِنْ كَانَ الْمَقْصُودُ مَا يُغَايِرُهُ فِي الْحَقِيقَةِ، فَمَجْمُوعُ الْعِيَادَةِ وَالْحَاجَةِ الْأُخْرَى يُغَايِرُ مُجَرَّدَ الْعِيَادَةِ.
قُلْتُ: الصَّوَابُ الْجَزْمُ بِأَنَّهُ لَا يَحْنَثُ. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.
وَإِنْ قَالَ: إِنْ خَرَجْتِ إِلَّا لِعِيَادَةٍ، فَيَنْبَغِي أَنْ يَحْنَثَ، لِأَنَّهُ يَصْدُقُ أَنْ يُقَالَ: لَمْ تَخْرُجْ لِلْعِيَادَةِ بَلْ لَهَا وَلِغَيْرِهَا.
النَّوْعُ الْخَامِسُ فِي الْكَلَامِ وَفِيهِ مَسَائِلُ:
إِحْدَاهَا: إِذَا قَالَ: وَاللَّهِ لَا أُكَلِّمُكَ فَتَنَحَّ عَنِّي، أَوْ قُمْ أَوِ اخْرُجْ، أَوْ شَتَمَهُ، أَوْ زَجَرَهُ، حَنِثَ، سَوَاءً عَقَّبَ هَذَا لِلْيَمِينِ مُتَّصِلًا أَمْ فَصَلَهُ، لِأَنَّهُ كَلَّمَهُ. وَقِيلَ: لَا يَحْنَثُ إِذَا وَصَلَهُ، لِأَنَّ الْمَقْصُودَ بِهِ تَأْكِيدُ الْيَمِينِ، وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ. وَلَوْ كَتَبَ إِلَيْهِ كِتَابًا أَوْ أَرْسَلَ رَسُولًا، فَقَوْلَانِ: الْجَدِيدُ: لَا يَحْنَثُ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَطَعَ بِهِ، وَقِيلَ: الْقَدِيمُ إِنَّمَا هُوَ إِذَا نَوَى بِيَمِينِهِ الْمُكَاتَبَةَ. وَقِيلَ: الْقَوْلَانِ فِي الْغَائِبِ، فَإِنْ كَانَ مَعَهُ فِي الْمَجْلِسِ، لَمْ يَحْنَثْ قَطْعًا، وَالْمَذْهَبُ طَرَّدَهُمَا فِي كُلِّ الْأَحْوَالِ. وَيَجْرِيَانِ فِي الْإِشَارَةِ بِالرَّأْسِ وَالْعَيْنِ، وَلَا فَرْقَ عَلَى الْجَدِيدِ بَيْنَ إِشَارَةِ الْأَخْرَسِ وَالنَّاطِقِ، وَإِنَّمَا أُقِيمَتْ إِشَارَةُ الْأَخْرَسِ فِي الْمُعَامَلَاتِ مَقَامَ النُّطْقِ لِلضَّرُورَةِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute