وَلَوْ حَلَفَ: لَا يَصُومُ، فَهَلْ يَحْنَثُ بِأَنْ يُصْبِحَ صَائِمًا، أَوْ بِأَنْ يَنْوِيَ صَوْمَ التَّطَوُّعِ قَبْلَ الزَّوَالِ، أَمْ لَا يَحْنَثُ حَتَّى يُتِمَّ؟ فِيهِ الْخِلَافُ. وَإِذَا قُلْنَا: لَا يَحْنَثُ إِلَّا بِالْفَرَاغِ، فَهَلْ نَتَبَيَّنُ اسْتِنَادَ الْحِنْثِ إِلَى الْأَوَّلِ فِيهِ وَجْهَانِ.
قُلْتُ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ فِي الْحَجِّ الْخِلَافُ فِي أَنَّهُ يَحْنَثُ بِمُجَرَّدِ الْإِحْرَامِ، أَمْ بَعْدَ الْفَرَاغِ. وَعَلَى قِيَاسِ الثَّانِي اشْتِرَاطُ الرُّكُوعِ لِكَوْنِهِ مُعْظَمَ الرَّكْعَةِ يَجِيءُ وَجْهٌ ثَالِثٌ بِاشْتِرَاطِ الْوُقُوفِ بِعَرَفَاتٍ، وَأَمَّا الِاعْتِكَافُ فَيَحْنَثُ بِمُجَرَّدِ نِيَّتِهِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَجِيءَ خِلَافٌ فِي اشْتِرَاطِ سَاعَةٍ، بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَا يَصِحُّ اعْتِكَافُ لَحْظَةٍ. وَلَوْ حَلَفَ: لَا يَقْرَأُ حَنِثَ بِمَا قَرَأَهُ وَلَوْ بَعْضَ آيَةٍ. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -
النَّوْعُ السَّادِسُ فِي تَأْخِيرِ الْحِنْثِ وَتَقْدِيمِهِ وَفِيهِ مَسَائِلُ:
إِحْدَاهَا: حَلَفَ: لَيَأْكُلَنَّ هَذَا الطَّعَامَ غَدًا، فَلَا يَخْفَى الْبَرُّ إِنْ أَكَلَ غَدًا، وَالْحِنْثَ إِنْ أَخَّرَهُ عَنِ الْغَدِ مَعَ الْإِمْكَانِ. فَلَوْ تَلِفَ الطَّعَامُ قَبْلَ الْغَدِ بِنَفْسِهِ، أَوْ بِإِتْلَافِ أَجْنَبِيٍّ، فَقَدْ فَاتَ الْبَرُّ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ، فَيَخْرُجُ حِنْثُهُ عَلَى قَوْلِي الْمُكْرَهُ، وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ. وَيُقَالُ: إِنَّهُ الْمَنْصُوصُ، فَإِنْ قُلْنَا: يَحْنَثُ، فَهَلْ يَحْنَثُ فِي الْحَالِ لِحُصُولِ الْيَأْسِ، أَمْ بَعْدَ مَجِيءِ الْغَدِ؟ فِيهِ قَوْلَانِ أَوْ وَجْهَانِ، فَقَطَعَ ابْنُ كَجٍّ بِالثَّانِي. قَالَ الْمُتَوَلِّي: وَفَائِدَةُ الْخِلَافِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ مُعْسِرًا يُكَفِّرُ بِالصَّوْمِ، جَازَ أَنْ يَنْوِيَ صَوْمَ الْغَدِ عَنْ كَفَّارَتِهِ إِنْ قُلْنَا: يَحْنَثُ قَبْلَ الْغَدِ.
قُلْتُ: وَمِنْ فَوَائِدِهِ لَوْ مَاتَ الْحَالِفُ قَبْلَ مَجِيءِ الْغَدِ أَوْ أَعْسَرَ، وَقُلْنَا: يُعْتَبَرُ فِي الْكَفَّارَةِ حَالُ الْوُجُوبِ. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute