فَإِنْ قُلْنَا: لَا يَحْنَثُ قَبْلَ مَجِيءِ الْغَدِ، فَهَلْ يَحْنَثُ إِذَا مَضَى مِنَ الْغَدِ زَمَنُ إِمْكَانِ الْأَكْلِ أَمْ قُبَيْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ؟ وَجْهَانِ. قَالَ الْبَغَوِيُّ: أَصَحُّهُمَا الْأَوَّلُ وَلَوْ مَاتَ الْحَالِفُ قَبْلَ مَجِيءِ الْغَدِ، فَقِيلَ: هُوَ كَتَلَفِ الطَّعَامِ، فَيَكُونُ عَلَى الْخِلَافِ، وَالْمَذْهَبُ الْقَطْعُ بِأَنْ لَا حِنْثَ، وَهُوَ الَّذِي يَقْتَضِي كَلَامَ ابْنِ كَجٍّ وَالْبَغَوِيِّ وَغَيْرِهِمَا، لِأَنَّهُ لَمْ يَبْلُغْ زَمَنَ الْبَرِّ وَالْحِنْثَ. وَلَوْ مَاتَ بَعْدَ مَجِيءِ الْغَدِ وَقَبْلَ إِمْكَانِ الْأَكْلِ، فَهُوَ كَتَلَفِ الطَّعَامِ بَعْدَ مَجِيءِ الْغَدِ عَلَى مَا سَنَذْكُرُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى مِنَ التَّفْصِيلِ، وَقَطَعَ الْمُتَوَلِّي بِأَنْ لَا حِنْثَ.
أَمَّا إِذَا تَلَفَ الطَّعَامُ أَوْ بَعْضُهُ بَعْدَ مَجِيءِ الْغَدِ، فَيَنْظُرُ، إِنْ كَانَ قَبْلَ التَّمَكُّنِ مِنَ الْأَكْلِ، فَهُوَ كَتَلَفِ الطَّعَامِ قَبْلَ الْغَدِ، وَفِيهِ الْخِلَافُ. وَإِنْ تَلَفَ بَعْدَ التَّمَكُّنِ، أَوْ مَاتَ الْحَالِفُ بَعْدَ التَّمَكُّنِ، فَالْمَذْهَبُ الْحِنْثُ، لِأَنَّهُ تَمَكَّنَ مِنَ الْبَرِّ، فَصَارَ كَمَا لَوْ قَالَ: لَآكُلَنَّ هَذَا الطَّعَامَ، وَتَمَكَّنَ مِنْ أَكْلِهِ وَلَمْ يَأْكُلْهُ حَتَّى تَلَفَ، فَإِنَّهُ يَحْنَثُ قَطْعًا. فَعَلَى هَذَا هَلْ يَحْنَثُ فِي الْحَالِ، أَمْ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ؟ فِيهِ الْوَجْهَانِ. وَلَوْ أَتْلَفَ الْحَالِفُ الطَّعَامَ قَبْلَ الْغَدِ بِأَكْلِهِ أَوْ بِغَيْرِهِ، أَوْ أَتْلَفَ بَعْضَهُ، حَنِثَ، وَهَلْ يَحْنَثُ فِي الْحَالِ، أَمْ بَعْدَ مَجِيءِ الْغَدِ؟ فِيهِ الْخِلَافُ، هُمَا لَوْ تَلِفَ. وَلَوْ قَالَ: لَآكُلَنَّ هَذَا الطَّعَامَ قَبْلَ غَدٍ، فَتَلَفَ قَبْلَ الْغَدِ وَبَعْدَ التَّمَكُّنِ، حَنِثَ. وَهَلْ يَكُونُ حِنْثُهُ فِي الْحَالِ، أَمْ إِذَا جَاءَ أَوَّلُ الْغَدِ؟ وَجْهَانِ حَكَاهُمَا الصَّيْدَلَانِيُّ. وَلَوْ قَالَ: لَآكُلَنَّهُ الْيَوْمَ، فَيُقَاسُ بِمَا ذَكَرْنَاهُ فِي الْغَدِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute