للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الثَّانِيَةُ: قَالَ: وَاللَّهِ لَأَقْضِيَنَّ حَقَّكَ، وَمَاتَ قَبْلَ الْقَضَاءِ، نُظِرَ، إِنْ تَمَكَّنَ مِنَ الْقَضَاءِ فَلَمْ يَفْعَلْ، حَنِثَ. وَإِنْ مَاتَ قَبْلَ التَّمَكُّنِ، فَعَلَى قَوْلِي الْإِكْرَاهُ، كَذَا نَقَلَهُ الْبَغَوِيُّ وَالْمَرْوَزِيُّ وَغَيْرُهُمَا، وَقَطَعَ الْمُتَوَلِّي بِأَنَّهُ لَا يَحْنَثُ وَلَوْ قَالَ: لَأَقْضِيَنَّ حَقَّكَ غَدًا، وَمَاتَ قَبْلَ مَجِيءِ الْغَدِ أَوْ بَعْدَ مَجِيئِهِ وَقَبْلَ التَّمَكُّنِ، فَمَنْ أَثْبَتَ الْقَوْلَيْنِ إِذَا لَمْ يُقَيِّدْ بِالْغَدِ، أُثْبِتُهُمَا هُنَا، وَمَنْ قَطَعَ بِالْمَنْعِ، قَطَعَ بِالْمَنْعِ هُنَا أَيْضًا. وَلَوْ مَاتَ بَعْدَ التَّمَكُّنِ جَاءَ الطَّرِيقَانِ الْمَذْكُورَانِ فِي مَسْأَلَةِ الطَّعَامِ وَمَوْتِ صَاحِبِ الْحَقِّ: لَا يَقْتَضِي الْحِنْثَ، لَا عِنْدَ الْإِطْلَاقِ، وَلَا عِنْدَ التَّقْيِيدِ بِالْغَدِ، لِإِمْكَانِ الْقَضَاءِ بِالدَّفْعِ إِلَى الْوَرَثَةِ. وَلَوْ قَالَ: لَأَقْضِيَنَّكَ حَقَّكَ غَدًا، فَهُوَ كَقَوْلِهِ: لَآكُلَنَّ هَذَا الطَّعَامَ غَدًا، فَطَرِيقُ الْبَرِّ وَالْحِنْثِ ظَاهِرٌ، وَمَوْتُ صَاحِبِ الْحَقِّ هُنَا كَتَلَفِ الطَّعَامِ. فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ مَجِيءِ الْغَدِ أَوْ بَعْدَهُ وَقَبْلَ التَّمَكُّنِ مِنَ الْقَضَاءِ، فَعَلَى قَوْلِي الْإِكْرَاهُ، وَإِنْ مَاتَ بَعْدَ التَّمَكُّنِ، فَفِيهِ الطَّرِيقَانِ السَّابِقَانِ. فَإِنْ حَنِثْنَاهُ، فَهَلْ يَحْنَثُ فِي الْحَالِ أَمْ بَعْدَ مَجِيءِ الْغَدِ؟ فِيهِ الْقَوْلَانِ. وَمَوْتُ الْحَالِفِ وَالْحَالَةُ هَذِهِ قَبْلَ مَجِيءِ الْغَدِ وَبَعْدَهُ عَلَى مَا ذَكَرْنَا فِي مَسْأَلَةِ الطَّعَامِ. فَإِنْ حَنِثْنَاهُ، فَلَا يُسْتَبْعَدُ كَوْنُ وَقْتِ الْحِنْثِ دَخَلَ وَهُوَ مَيِّتٌ، لِأَنَّ السَّبَبَ هُوَ الْيَمِينُ، وَكَانَتْ فِي الْحَيَاةِ، وَهُوَ كَمَا لَوْ حَفَرَ بِئْرًا مُتَعَدِّيًا، فَتَلَفَ بِهَا إِنْسَانٌ بَعْدَ مَوْتِهِ، يَجِبُ الضَّمَانُ وَالْكَفَّارَةُ فِي مَالِهِ. وَإِنْ قَضَاهُ قَبْلَ مَجِيءِ الْغَدِ، فَقَدْ فَوَّتَ الْبَرَّ، فَيَحْنَثُ إِلَّا أَنْ يُرِيدَ أَنَّهُ لَا يُؤَخِّرُ الْقَضَاءَ عَنِ الْغَدِ، وَهُوَ كَإِتْلَافِ الطَّعَامِ قَبْلَ الْغَدِ وَلَوْ أَبْرَأَهُ صَاحِبُ الْحَقِّ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ. فَإِنْ قُلْنَا: الْإِبْرَاءُ يَحْتَاجُ إِلَى الْقَبُولِ، فَقَبِلَ، حَنِثَ لِتَفْوِيتِهِ الْبَرَّ بِاخْتِيَارِهِ، إِلَّا أَنْ يُرِيدَ بِالْيَمِينِ: لَا يَمْضِي الْغَدُ، وَحَقُّهُ بَاقٍ عَلَيْهِ. وَإِنْ لَمْ يَقْبَلْ،

<<  <  ج: ص:  >  >>