يُعِدَّ الْمَالَ وَيَتَرَصَّدَ ذَلِكَ الْوَقْتَ فَيَقْضِيهِ فِيهِ، وَحَكَى الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ وَجْهًا أَنَّ لَهُ فَسْخَهُ فِي اللَّيْلَةِ الْأُولَى وَيَوْمِهَا، لِأَنَّ اسْمَ رَأَسِ الْهِلَالِ وَالشَّهْرِ يَقَعُ عَلَيْهِمَا وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ. وَإِذَا أَخَذَ فِي الْكَيْلِ أَوِ الْوَزْنِ عِنْدَ رُؤْيَةِ الْهِلَالِ، وَتَأَخَّرَ الْفَرَاغُ لِكَثْرَةِ الْمَالِ، لَمْ يَحْنَثْ، وَبِمِثْلِهِ أُجِيبَ فِيمَا لَوِ ابْتَدَأَ حِينَئِذٍ بِأَسْبَابِ الْقَضَاءِ وَمُقَدِّمَاتِهِ، كَحَمْلِ الْمِيزَانِ. وَلَوْ أَخَّرَ الْقَضَاءَ عَنِ اللَّيْلَةِ الْأُولَى لِلشَّكِّ فِي الْهِلَالِ، فَبَانَ كَوْنُهَا مِنَ الشَّهْرِ، فَفِي الْحِنْثِ قَوْلَا حِنْثِ النَّاسِي وَالْجَاهِلِ. وَلَوْ قَالَ: لَأَقْضِيَنَّ حَقَّكَ أَوَّلَ الشَّهْرِ، فَهُوَ كَقَوْلِهِ: عِنْدَ رَأْسِ الشَّهْرِ. وَلَوْ قَالَ: أَوَّلَ الْيَوْمِ، فَيَنْبَغِي أَنْ يَشْتَغِلَ بِالْقَضَاءِ عِنْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ. وَلَوْ قَالَ: لَأَقْضِيَنَّ حَقَّكَ إِلَى رَأْسِ الشَّهْرِ، أَوْ إِلَى رَمَضَانَ، فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَشْتَرِطُ تَقْدِيمَ الْقَضَاءِ عَلَى رَأْسِ الشَّهْرِ، وَعَلَى رَمَضَانَ. وَقِيلَ: هُوَ كَقَوْلِهِ عِنْدَ رَأْسِ الشَّهْرِ.
فَرْعٌ
لَوْ قَالَ: لَأَقْضِيَنَّ حَقَّكَ إِلَى حِينٍ، لَمْ يَخْتَصَّ ذَلِكَ بِزَمَانٍ مُقَدَّرٍ، بَلْ يَقَعُ عَلَى الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ، كَمَا سَبَقَ فِي كِتَابِ الطَّلَاقِ، فَيَكُونُ كَقَوْلِهِ: لَأَقْضِيَنَّ حَقَّكَ، فَمَتَى قَضَاهُ، بَرَّ، وَإِنَّمَا يَحْنَثُ إِذَا مَاتَ قَبْلَ الْقَضَاءِ مَعَ التَّمَكُّنِ. وَلَوْ قَالَ: إِلَى زَمَانٍ أَوْ دَهْرٍ أَوْ حِقْبٍ، أَوْ أَحْقَابٍ، فَكَذَلِكَ، وَجَمِيعُ الْعُمْرِ مُهْلَةٌ لَهُ. وَلَوْ قَالَ: لَا أُكَلِّمُكَ حِينًا أَوْ دَهْرًا أَوْ زَمَانًا أَوْ حِقَبًا، بَرَّ بِأَدْنَى زَمَانٍ، وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ بَعْدَ حِينٍ، طِلِّقَتْ إِذَا مَضَى لَحْظَةٌ. وَالْفَرْقُ أَنَّ قَوْلَهُ: طَالِقٌ بَعْدَ حِينٍ تَعْلِيقٌ، فَيَتَعَلَّقُ بِأَوَّلِ مَا يُسَمَّى حِينًا. وَقَوْلُهُ: لَأَقْضِيَنَّ حَقَّكَ، وَعُدَّ، وَالْوَعْدُ لَا يَخْتَصُّ بِأَوَّلِ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ الِاسْمُ وَلَوْ قَالَ: لَأَقْضِيَنَّ حَقَّكَ إِلَى مُدَّةٍ قَرِيبَةٍ أَوْ بَعِيدَةٍ، لَمْ يَتَقَدَّرْ أَيْضًا، وَهُوَ كَالْحِينِ. فَلَوْ قَالَ: إِلَى أَيَّامٍ، فَوَجْهَانِ. قَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَالصَّيْدَلَانِيُّ وَالْبَغَوِيُّ وَغَيْرُهُمْ: يُحْمَلُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ إِذَا لَمْ يَكُنْ نِيَّةٌ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute