للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَقَالَ آخَرُونَ، مِنْهُمُ الْمُحَامِلِيُّ: هُوَ كَالْحِينِ، لِأَنَّهُ يَقَعُ عَلَى الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ. يُقَالُ: أَيَّامُ الْعَدْلِ، وَأَيَّامُ الْفِتْنَةِ، فَلَا يَتَقَدَّرُ.

قُلْتُ: الْأَوَّلُ أَصَحُّ، لِأَنَّهُ الْمَفْهُومُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ. وَأَمَّا أَيَّامُ الْفِتْنَةِ وَنَحْوَهُ، فَتَخْرُجُ بِالْقَرِينَةِ. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

النَّوْعُ السَّابِعُ فِي الْخُصُومَاتِ وَنَحْوِهَا فِيهِ مَسَائِلُ:

إِحْدَاهَا: حَلَفَ لَا يَرَى مُنْكَرًا إِلَّا رَفَعَهُ إِلَى الْقَاضِي، فَلَهُ أَحْوَالٌ. إِحْدَاهَا: أَنْ يُعَيِّنَ الْقَاضِي فَيَقُولُ: إِلَى الْقَاضِي فُلَانٍ، فَإِذَا رَأَى مُنْكَرًا، لَا يَلْزَمُهُ الْمُبَادَرَةُ بِالدَّفْعِ إِلَيْهِ، بَلْ لَهُ مُهْلَةٌ مُدَّةَ عُمُرِهِ وَعُمُرِ الْقَاضِي، فَمَتَى رَفَعَهُ إِلَيْهِ، بَرَّ، وَلَا يُشْتَرَطُ فِي الرَّفْعِ أَنْ يَذْهَبَ إِلَيْهِ مَعَ صَاحِبِ الْمُنْكَرِ، بَلْ يَكْفِي أَنْ يَحْضُرَ وَحْدَهُ عِنْدَ الْقَاضِي، وَيُخْبِرَهُ أَوْ يَكْتُبَ إِلَيْهِ بِذَلِكَ، أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا بِذَلِكَ فَيُخْبِرُهُ، أَوْ يَكْتُبَ بِهِ كِتَابًا (إِلَيْهِ) ، فَإِنْ لَمْ يَرْفَعْهُ إِلَيْهِ حَتَّى مَاتَ أَحَدُهُمَا بَعْدَ التَّمَكُّنِ، حَنِثَ، فَإِنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنَ الرَّفْعِ لِمَرَضٍ أَوْ حَبْسٍ، أَوْ جَاءَ إِلَى بَابِ الْقَاضِي فَحُجِبَ، فَفِيهِ قَوْلَا حِنْثِ الْمُكْرَهِ. وَلَوْ بَادَرَ بِالرَّفْعِ، فَمَاتَ الْقَاضِي قَبْلَ وُصُولِهِ إِلَيْهِ فَطَرِيقَانِ. قَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ: فِيهِ الْقَوْلَانِ، وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ وَالْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ: لَا يَحْنَثُ قَطْعًا وَهُوَ الْمَذْهَبُ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَمَكَّنْ. وَلَوْ مَاتَ الْحَالِفُ فِي صُورَةِ الْمُبَادَرَةِ قَبْلَ وُصُولِهِ إِلَى الْقَاضِي، قَالَ الْمُتَوَلِّي: لَا كَفَّارَةَ بِلَا خِلَافٍ. فَلَوْ عُزِلَ ذَلِكَ الْقَاضِي، فَإِنْ كَانَ نِيَّتُهُ أَنْ يَرْفَعَ إِلَيْهِ وَهُوَ قَاضٍ، أَوْ تَلَفَّظَ بِهِ لَمْ يَبَرَّ بِالرَّفْعِ إِلَيْهِ وَهُوَ مَعْزُولٌ، وَلَا يَحْنَثْ. وَإِنْ كَانَ تَمَكَّنَ، لِأَنَّهُ رُبَّمَا وَلِيَ ثَانِيًا، وَالْيَمِينُ عَلَى التَّرَاخِي. فَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ أَنْ يُوَلَّى، تَبَيَّنَّا الْحِنْثَ، وَإِنْ نَوَى غَيْرَ ذَلِكَ الْقَاضِي، وَذَكَرَ الْقَضَاءَ تَعْرِيفًا لَهُ، بَرَّ بِالرَّفْعِ إِلَيْهِ وَهُوَ مَعْزُولٌ. وَإِنْ أَطْلَقَ، فَهَلْ يَبَرُّ بِالرَّفْعِ إِلَيْهِ وَهُوَ مَعْزُولٌ؟ وَجْهَانِ: أَصَحُّهُمَا: نَعَمْ، كَمَا لَوْ قَالَ:

<<  <  ج: ص:  >  >>