وَإِنْ تَمَكَّنَ مِنْهَا، اسْتُحِبَّ تَقْدِيمُ الظُّهْرِ. وَإِنْ كَانَ لَوْ تَمَكَّنَ، أَوْ نَشِطَ حَضَرَهَا، اسْتُحِبَّ التَّأْخِيرُ، كَالضَّرْبِ الْأَوَّلِ. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.
وَإِذَا اجْتَمَعَ مَعْذُورُونَ، اسْتُحِبَّ لَهُمُ الْجَمَاعَةُ فِي ظُهْرِهِمْ عَلَى الْأَصَحِّ. قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَاسْتُحِبَّ لَهُمْ إِخْفَاءُ الْجَمَاعَةِ لِئَلَّا يُتَّهَمُوا. قَالَ الْأَصْحَابُ: هَذَا إِذَا كَانَ عُذْرُهُمْ خَفِيًّا، فَإِنْ كَانَ ظَاهِرًا، فَلَا تُهْمَةَ. وَمِنْهُمْ مَنِ اسْتَحَبَّ الْإِخْفَاءَ مُطْلَقًا. ثُمَّ إِذَا صَلَّى الْمَعْذُورُ الظُّهْرَ قَبْلَ فَوَاتِ الْجُمُعَةِ، صَحَّتْ ظُهْرُهُ. فَلَوْ زَالَ عُذْرُهُ وَتَمَكَّنَ مِنَ الْجُمُعَةِ، لَمْ تَلْزَمْهُ، إِلَّا فِي الْخُنْثَى إِذَا صَلَّى الظُّهْرَ، ثُمَّ بَانَ رَجُلًا، وَتَمَكَّنَ مِنَ الْجُمُعَةِ، فَتَلْزَمُهُ. وَالْمُسْتَحَبُّ لِهَؤُلَاءِ، حُضُورُ الْجُمُعَةِ بَعْدَ فِعْلِهِمُ الظُّهْرَ. فَإِنْ صَلَّوُا الْجُمُعَةَ، فَفَرْضُهُمُ الظُّهْرُ عَلَى الْأَظْهَرِ.
وَعَلَى الثَّانِي: يَحْتَسِبُ اللَّهُ تَعَالَى بِمَا شَاءَ. أَمَّا إِذَا زَالَ الْعُذْرُ فِي أَثْنَاءِ الظُّهْرِ، فَقَالَ الْقَفَّالُ: هُوَ كَرُؤْيَةِ الْمُتَيَمِّمِ الْمَاءَ فِي الصَّلَاةِ. وَهَذَا يَقْتَضِي خِلَافًا فِي بُطْلَانِ الظُّهْرِ، كَالْخِلَافِ فِي بُطْلَانِ صَلَاةِ الْمُتَيَمِّمِ. وَذَكَرَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ وَجْهَيْنِ هُنَا. وَالْمَذْهَبُ، اسْتِمْرَارُ صِحَّةِ الظُّهْرِ. وَهَذَا الْخِلَافُ، تَفْرِيعٌ عَلَى إِبْطَالِ ظُهْرِ غَيْرِ الْمَعْذُورِ إِذَا صَلَّاهَا قَبْلَ فَوَاتِ وَقْتِ الْجُمُعَةِ. فَإِنْ لَمْ نُبْطِلْهَا، فَالْمَعْذُورُ أَوْلَى.
فَرْعٌ
مَنْ لَا عُذْرَ لَهُ، إِذَا صَلَّى الظُّهْرَ قَبْلَ فَوَاتِ الْجُمُعَةِ، لَمْ تَصِحَّ ظُهْرُهُ عَلَى الْجَدِيدِ، وَهُوَ الْأَظْهَرُ، وَتَصِحُّ عَلَى الْقَدِيمِ، ثُمَّ قَالَ الْأَصْحَابُ: الْقَوْلَانِ مَبْنِيَّانِ عَلَى أَنَّ الْفَرْضَ الْأَصْلِيَّ يَوْمَ الْجُمُعَةِ مَاذَا؟ فَالْجَدِيدُ: أَنَّهُ الْجُمُعَةُ. وَالْقَدِيمُ: أَنَّهُ الظُّهْرُ، وَأَنَّ الْجُمُعَةَ بَدَلٌ. ثُمَّ قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيُّ: لَوْ تَرَكَ جَمِيعُ أَهْلِ الْبَلْدَةِ الْجُمُعَةَ، وَصَلَّوُا الظُّهْرَ، أَثِمُوا كُلُّهُمْ، وَصَحَّتْ ظُهْرُهُمْ عَلَى الْقَوْلَيْنِ. وَإِنَّ الْخِلَافَ فِي تَرْكِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute