كَذَا قَالَهُ الْأَصْحَابُ. وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَاتِمٍ الْقَزْوِينِيُّ: فِي جَوَازِهِ بَعْدَ الزَّوَالِ لِخَوْفِ الِانْقِطَاعِ عَنِ الرُّفْقَةِ، وَجْهَانِ.
الشَّرْطُ الثَّانِي: أَنْ لَا يُمْكِنَهُ صَلَاةُ الْجُمُعَةِ فِي مَنْزِلِهِ، أَوْ طَرِيقِهِ. فَإِنْ أَمْكَنَتْ، فَلَا مَنْعَ بِحَالٍ.
قُلْتُ: تَحْرِيمُ السَّفَرِ الْمُبَاحِ، وَالطَّاعَةِ قَبْلَ الزَّوَالِ، وَحَيْثُ حَرَّمْنَاهُ بَعْدَ الزَّوَالِ، فَسَافَرَ، كَانَ عَاصِيًا، فَلَا يَتَرَخَّصُ مَا لَمْ تَفُتِ الْجُمُعَةُ. ثُمَّ حَيْثُ كَانَ فَوَاتُهَا، يَكُونُ ابْتِدَاءُ سَفَرِهِ، قَالَهُ الْقَاضِي حُسَيْنٌ، وَصَاحِبُ (التَّهْذِيبِ) وَهُوَ ظَاهِرٌ. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.
فَرْعٌ
الْمَعْذُورُونَ فِي تَرْكِ الْجُمُعَةِ، ضَرْبَانِ.
أَحَدُهُمَا: يَتَوَقَّعُ زَوَالَ عُذْرِهِ، كَالْعَبْدِ، وَالْمَرِيضُ يَتَوَقَّعُ الْخِفَّةَ، فَيُسْتَحَبُّ لَهُ تَأْخِيرُ الظُّهْرِ إِلَى الْيَأْسِ مِنْ إِدْرَاكِ الْجُمُعَةِ، لِاحْتِمَالِ تَمَكُّنِهِ مِنْهَا. وَيَحْصُلُ الْيَأْسُ بِرَفْعِ الْإِمَامِ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ الثَّانِي عَلَى الصَّحِيحِ. وَعَلَى الشَّاذِّ: يُرَاعَى تَصَوُّرُ الْإِدْرَاكِ فِي حَقِّ كُلِّ وَاحِدٍ، فَإِذَا كَانَ مَنْزِلُهُ بَعِيدًا، فَانْتَهَى الْوَقْتُ إِلَى حَدِّ لَوْ أَخَذَ فِي السَّعْيِ لَمْ يُدْرِكِ الْجُمُعَةَ، حَصَلَ الْفَوَاتُ فِي حَقِّهِ.
الضَّرْبُ الثَّانِي: مَنْ لَا يَرْجُو زَوَالَ عُذْرِهِ كَالْمَرْأَةِ، وَالزَّمِنِ، فَالْأَوْلَى أَنْ يُصَلِّيَ الظُّهْرَ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ، لِفَضِيلَةِ الْأَوَّلِيَّةِ.
قُلْتُ: هَذَا اخْتِيَارُ أَصْحَابِنَا الْخُرَاسَانِيِّينَ، وَهُوَ الْأَصَحُّ. وَقَالَ الْعِرَاقِيُّونَ: هَذَا الضَّرْبُ كَالْأَوَّلِ، فَيُسْتَحَبُّ لَهُمْ تَأْخِيرُ الظُّهْرِ، لِأَنَّ الْجُمُعَةَ صَلَاةُ الْكَامِلِينَ فَقُدِّمَتْ.
وَالِاخْتِيَارُ التَّوَسُّطُ. فَيُقَالُ: إِنْ كَانَ هَذَا الشَّخْصُ جَازِمًا بِأَنَّهُ لَا يَحْضُرُ الْجُمُعَةَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute