للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الرَّاجِحُ الْمَعْمُولُ بِهِ غَالِبًا، كَمَا إِذَا رَجَّحَ الشَّافِعِيُّ فِي أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ، بَلْ هَذَا أَوْلَى.

وَلَوْ وَجَدَ مَنْ لَيْسَ أَهْلًا لِلتَّرْجِيحِ خِلَافًا لِلْأَصْحَابِ فِي الْأَرْجَحِ مِنَ الْقَوْلَيْنِ أَوِ الْوَجْهَيْنِ، فَلْيَعْتَمِدْ مَا صَحَّحَهُ الْأَكْثَرُ، وَالْأَعْلَمُ وَالْأَوْرَعُ، فَإِنْ تَعَارَضَ أَعْلَمُ وَأَوْرَعُ، قُدِّمَ الْأَعْلَمُ، فَإِنْ لَمْ يَبْلُغْهُ عَنْ أَحَدٍ تَرْجِيحٌ، اعْتَبَرَ صِفَاتِ النَّاقِلِينَ لِلْقَوْلَيْنِ، وَالْقَائِلِينَ لِلْوَجْهَيْنِ فَمَا رَوَاهُ الْبُوَيْطِيُّ وَالْمُزَنِيُّ وَالرَّبِيعُ الْمُرَادِيُّ مُقَدَّمٌ عِنْدَ أَصْحَابِنَا عَلَى مَا رَوَاهُ الرَّبِيعُ الْجِيزَيُّ وَحَرْمَلَةُ، كَذَا نَقَلَهُ الْخَطَابِيُّ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَصْحَابِنَا، إِلَّا أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرِ الْبُوْيِطِيَّ، وَزِدْتُهُ أَنَا لِكَوْنِهِ أَجَلَّ مَنِ الرَّبِيعِ، وَأَقْدَمَ مِنَ الْمُزَنِيِّ، وَأَخَصَّ بِالشَّافِعِيِّ مِنْهُ.

قَالَ الشَّيْخُ أَبُو عَمْرٍو: وَيَتَرَجَّحُ أَيْضًا مَا وَافَقَ أَكْثَرَ أَئِمَّةِ الْمَذَاهِبِ. وَحَكَى الْقَاضِي حُسَيْنٌ فِيمَا إِذَا كَانَ لِلشَّافِعِيِّ قَوْلَانِ، أَحَدُهُمَا كَقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَجْهَيْنِ، قَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ: الْمُخَالِفُ لِأَبِي حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَرْجَحُ، فَلَوْ لَمْ يَطَّلِعِ الشَّافِعِيُّ عَلَى مَعْنًى مُخَالِفٍ لَمَا خَالَفَهُ، وَالصَّحِيحُ أَنَّ الْمُوَافِقَ أَوْلَى، وَبِهِ قَالَ الْقَفَّالُ، وَهَذَا إِذَا لَمْ نَجِدْ مُرَجِّحًا مِمَّا سَبَقَ.

وَلَوْ تَعَارَضَ جَزْمُ مُصَنِّفَيْنِ، فَهُوَ كَتَعَارُضِ الْوَجْهَيْنِ، فَيَرْجِعُ إِلَى الْبَحْثِ كَمَا سَبَقَ، وَيُرَجَّحُ أَيْضًا بِالْكَثْرَةِ، فَإِذَا جَزَمَ مُصَنِّفَانِ بِشَيْءٍ، وَجَزَمَ ثَالِثٌ مُسَاوٍ لِأَحَدِهِمَا بِخِلَافِهِمَا، رَجَّحْنَاهُمَا عَلَيْهِ.

وَاعْلَمْ أَنَّ نَقْلَ أَصْحَابِنَا الْعِرَاقِيِّينَ لِنُصُوصِ الشَّافِعِيِّ وَقَوَاعِدِ مَذْهَبِهِ، وَوُجُوهِ الْمُتَقَدِّمِينَ مِنْ أَصْحَابِنَا أَتْقَنُ وَأَثْبَتُ مِنْ نَقْلِ أَصْحَابِنَا الْخُرَاسَانِيِّينَ غَالِبًا إِنْ لَمْ يَكُنْ دَائِمًا وَهَذَا مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِمَا نَحْنُ فِيهِ.

وَمِمَّا يَنْبَغِي أَنْ يُرَجَّحَ بِهِ أَحَدُ الْقَوْلَيْنِ أَنْ يَكُونَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - ذَكَرَهُ فِي بَابِهِ وَمَظِنَّتِهِ، وَالْآخِرُ جَاءَ مُسْتَطْرَدًا فِي بَابٍ آخَرَ.

وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا الْكِتَابَ الَّذِي اخْتَصَرْتُهُ وَهَذَّبْتُهُ مُحَصِّلٌ لَكَ جَمِيعَ

<<  <  ج: ص:  >  >>