مَا ذَكَرْتُهُ وَلَا أَقُولُ هَذَا تَبَجُّحًا بَلْ نَصِيحَةً لِلْمُسْلِمِينَ وَمُنَاصَحَةً لِلدِّينِ، وَهُمَا وَاجِبَانِ عَلَيَّ وَعَلَى سَائِرِ الْمُكَلَّفِينَ.
وَاعْلَمْ أَنَّهُ يُكْرَهُ لِلْمُفْتِي أَنْ يَقْتَصِرَ فِي جَوَابِهِ عَلَى قَوْلِهِ: فِيهِ قَوْلَانِ، أَوْ وَجْهَانِ، أَوْ خِلَافُ وَنَحْوُ ذَلِكَ، فَإِنَّ هَذَا لَيْسَ جَوَابًا صَحِيحًا لِلْمُسْتَفْتِي، وَلَا يَحْصُلُ بِهِ مَقْصُودُهُ، وَهُوَ بَيَانُ مَا يُعْمَلُ بِهِ لِمَا ذَكَرْنَا، بَلْ يَنْبَغِي أَنْ يَجْزِمَ بِمَا هُوَ الرَّاجِحُ، فَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ لَهُ الرَّاجِحُ، انْتَظَرَ ظُهُورَهُ، أَوِ امْتَنَعَ مِنَ الْإِفْتَاءِ فِي الْمَسْأَلَةِ، كَمَا فَعَلَهُ كَثِيرٌ مِنْ أَصْحَابِنَا وَغَيْرِهِمْ.
وَاعْلَمْ أَنَّهُ مَتَى كَانَ قَوْلَانِ قَدِيمٌ وَجَدِيدٌ، فَالْعَمَلُ عَلَى الْجَدِيدِ إِلَّا فِي نَحْوِ عِشْرِينَ أَوْ ثَلَاثِينَ مَسْأَلَةً قَدْ أَوْضَحْتُهَا مُفَصَّلَةً فِي أَوَّلِ شَرْحِ «الْمُهَذَّبِ» مَعَ مَا يَتَعَلَّقُ بِهَا وَيَتَرَتَّبُ بِهَا، وَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ، وَإِذَا كَانَ فِي رُقْعَةِ الِاسْتِفْتَاءِ مَسَائِلُ، فَحَسَنٌ أَنْ يُرَتَّبَ الْجَوَابُ عَلَى تَرْتِيبِ الْأَسْئِلَةِ، وَإِذَا كَانَ فِي الْمَسْأَلَةِ تَفْصِيلٌ لَمْ يُطْلَقِ الْجَوَابُ، فَإِنَّهُ خَطَأٌ بِالِاتِّفَاقِ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَكْتُبَ الْجَوَابَ عَلَى مَا يَعْلَمُهُ مِنْ صُورَةِ الْوَاقِعَةِ إِذَا لَمْ يَكُنْ فِي الرُّقْعَةِ تَعَرُّضٌ لَهُ، بَلْ يَذْكُرُ جَوَابَ مَا فِي الرُّقْعَةِ فَإِنْ أَرَادَ الْجَوَابَ عَلَى خِلَافِ مَا فِيهَا، فَلْيَقُلْ، وَإِنْ كَانَ الْأَمْرُ كَذَا، فَجَوَابُهُ كَذَا، وَإِذَا كَتَبَ الْجَوَابَ، أَعَادَ نَظَرَهُ فِيهِ وَتَأَمَّلَهُ، وَإِذَا كَانَ هُوَ الْمُبْتَدِئُ بِالْإِفْتَاءِ فِي الرُّقْعَةِ، قَالَ الصَّيْمَرِيُّ وَغَيْرُهُ: فَالْعَادَةُ قَدِيمًا وَحَدِيثًا أَنْ يَكْتُبَ فِي النَّاحِيَةِ الْيُسْرَى؛ لِأَنَّهُ أَمْكَنُ.
قَالَ الصَّيْمَرِيُّ وَغَيْرُهُ: وَلَوْ كَتَبَ وَسَطَ الرُّقْعَةِ، أَوْ فِي حَاشِيَتِهَا، فَلَا عَتَبَ عَلَيْهِ، وَلَا يَكْتُبُ فَوْقَ الْبَسْمَلَةِ بِحَالٍ.
وَيُسْتَحَبُّ عِنْدَ إِرَادَةِ الْإِفْتَاءِ أَنْ يَسْتَعِيذَ مِنَ الشَّيْطَانِ وَيُسَمِّيَ اللَّهَ تَعَالَى وَيَحْمَدَهُ، وَيُصَلِّيَ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَيَقُولُ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute