للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَلَا يُسَلَكُ بِهِ مَسْلَكَ الرِّوَايَاتِ وَلِيَجْرِيَ الْخِلَافُ فِي لَفْظِ الشَّهَادَةِ وَالْحُرِّيَّةِ مَعَ بُعْدِهِ مِنَ الْمُتَرْجِمِ، وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ الِاكْتِفَاءُ بِإِسْمَاعِ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ فِي الْمَالِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا فِي الْمُتَرْجِمِ.

فَرْعٌ

إِذَا لَمْ يَجِدِ الْقَاضِي كِفَايَةً، فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ رِزْقًا مِنْ بَيْتِ الْمَالِ لِيَتَفَرَّغَ لِلْقَضَاءِ، وَإِنْ وَجَدَهَا وَتَعَيَّنَ عَلَيْهِ، لَمْ يَجُزْ أَخْذُ شَيْءٍ، وَإِلَّا فَيَجُوزُ. وَيُسْتَحَبُّ تَرْكُ الْأَخْذِ، وَلَا يَجُوزُ عَقْدُ الْإِجَارَةِ عَلَى الْقَضَاءِ، وَفِي فَتَاوَى الْقَاضِي حُسَيْنٍ وَجْهٌ أَنَّهُ يَجُوزُ، وَالْمَذْهَبُ: الْأَوَّلُ وَبِهِ قَطَعَ الْجُمْهُورُ، وَيَنْبَغِي لِلْإِمَامِ أَنْ يَجْعَلَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ شَيْئًا مَعَ رِزْقِ الْقَاضِي لِثَمَنِ وَرَقِ الْمَحَاضِرِ وَالسِّجِلَّاتِ، وَلِأُجْرَةِ الْكَاتِبِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي بَيْتِ الْمَالِ شَيْءٌ أَوِ احْتِيجَ إِلَيْهِ لِمَا هُوَ أَهَمُّ، فَإِنْ أَتَى الْمُدَّعِي بِوَرَقَةٍ تَثْبُتُ فِيهَا خُصُومَتُهُ وَشَهَادَةُ الشُّهُودِ، وَبِأُجْرَةِ الْكَاتِبِ، فَذَاكَ، وَإِلَّا فَلَا يُجْبَرُ عَلَيْهِ، لَكِنْ يُعْلِمُهُ الْقَاضِي أَنَّهُ إِذَا لَمْ يُثْبِتْ مَا جَرَى، فَقَدْ تُنْسَى شَهَادَةُ الشُّهُودِ وَحُكْمُ نَفْسِهِ. وَلْيَكُنْ رِزْقُ الْقَاضِي بِقَدْرِ كِفَايَتِهِ وَكِفَايَةِ عِيَالِهِ عَلَى مَا يَلِيقُ بِحَالِهِمْ مِنَ النَّفَقَةِ وَالْكُسْوَةِ وَغَيْرِهِمَا، وَكَذَا الْإِمَامُ يَأْخُذُ لِنَفْسِهِ مَا يَلِيقُ بِهِ مِنَ الْخَيْلِ وَالْغِلْمَانِ، وَالدَّارِ الْوَاسِعَةِ، وَلَا يَلْزَمُهُ الِاقْتِصَارُ عَلَى مَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - لِأَنَّهُ قَدْ بَعُدَ الْعَهْدُ بِزَمَنِ النُّبُوَّةِ الَّتِي كَانَتْ سَبَبَ النَّصْرِ وَإِلْقَاءِ الرُّعْبِ وَالْهَيْبَةِ فِي الْقُلُوبِ، فَلَوِ اقْتَصَرَ الْإِمَامُ الْيَوْمَ عَلَى ذَلِكَ، لَمْ يُطَعْ، وَتَعَطَّلَتِ الْأُمُورُ. وَلَوْ رَزَقَ الْإِمَامُ الْقَاضِيَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ، أَوْ رَزَقَهُ أَهْلُ وِلَايَتِهِ، أَوْ وَاحِدٌ مِنْهُمْ فَالَّذِي خَرَّجَهُ صَاحِبُ «التَّلْخِيصِ» أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ قَبُولُهُ، وَقَدْ سَبَقَ فِي الْأَذَانِ أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ رِزْقُ الْمُؤَذِّنِ

<<  <  ج: ص:  >  >>