لَيْسَ بِحُجَّةٍ، ثُمَّ قَالَ أَبُو بَكْرٍ الصَّيْرَفِيُّ وَالْقَفَّالُ الْقَوْلَانِ إِذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُ قِيَاسٌ، فَإِنْ كَانَ مَعَهُ قِيَاسٌ وَلَوْ ضَعِيفٌ احْتُجَّ بِهِ قَطْعًا، وَرُجِّحَ عَلَى الْقِيَاسِ الْقَوِيِّ، وَقَالَ الْأَكْثَرُونَ فِي الْجَمِيعِ الْقَوْلَانِ، فَإِنْ قُلْنَا بِالْقَدِيمِ، وَجَبَ الْأَخْذُ بِهِ، وَتَرْكُ الْقِيَاسِ، وَفِي تَخْصِيصِ الْعُمُومِ بِهِ وَجْهَانِ، وَإِنْ قُلْنَا بِالْجَدِيدِ، فَهُوَ كَقَوْلِ آحَادِ الْمُجْتَهِدِينَ، لَكِنْ لَوْ تَعَارَضَ قِيَاسَانِ أَحَدُهُمَا وَافَقَ قَوْلَ صَحَابِيٍّ، قَالَ الْغَزَالِيُّ: قَدْ تَمِيلُ نَفْسُ الْمُجْتَهِدِ إِلَى الْمُوَافِقِ وَيُرَجَّحُ عِنْدَهُ.
قُلْتُ: قَدْ صَرَّحَ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ فِي «اللُّمَعِ» وَغَيْرُهُ مِنَ الْأَصْحَابِ بِالْجَزْمِ بِالْأَخْذِ بِالْمُوَافِقِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَإِنِ انْتَشَرَ قَوْلُ الصَّحَابِيِّ، فَلَهُ ثَلَاثَةُ أَحْوَالٍ، أَحَدُهَا: أَنْ يُخَالِفَهُ غَيْرُهُ، فَعَلَى الْجَدِيدِ هُوَ كَاخْتِلَافِ سَائِرِ الْمُجْتَهِدِينَ، وَعَلَى الْقَدِيمِ هُمَا حُجَّتَانِ تَعَارَضَتَا، فَإِنِ اخْتُصَّ أَحَدُ الطَّرَفَيْنِ بِكَثْرَةِ عَدَدٍ، أَوْ بِمُوَافَقَةِ أَحَدِ الْخُلَفَاءِ الْأَرْبَعَةِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - تَرَجَّحَ، نُصَّ عَلَيْهِ فِي الْقَدِيمِ فِي غَيْرِ عَلِيٍّ وَأَلْحَقَ الْجُمْهُورُ بِهِمْ عَلِيًّا، وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ يَلْحَقْهُ؛ لِأَنَّ الثَّلَاثَةَ كَانُوا فِي دَارِ الْهِجْرَةِ وَالصَّحَابَةُ مُتَوَافِرُونَ، وَكَانُوا فِي حُكْمِهِمْ وَفَتْوَاهُمْ يَتَشَاوَرُونَ، وَعَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - انْتَقَلَ إِلَى الْكُوفَةِ، وَتَفَرَّقَتِ الصَّحَابَةُ.
وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ وَاحِدٌ مِنَ الْأَمْرَيْنِ فِي وَاحِدٍ مِنَ الطَّرَفَيْنِ، أَوْ وُجِدَ فِي أَحَدِهِمَا أَحَدُهُمَا، وَفِي الْآخَرِ الْآخَرُ، فَهُمَا سَوَاءٌ.
وَلَوْ كَانَ فِي أَحَدِهِمَا أَبُو بَكْرٍ أَوْ عُمَرُ، وَفِي الْآخَرِ عُثْمَانُ أَوْ عَلَيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - فَهَلْ يَسْتَوِيَانِ، أَمْ يُرَجَّحُ طَرَفُ الشَّيْخَيْنِ؟ وَجْهَانِ. وَيُشْبِهُ أَنْ يَجِيءَ مِثْلُهُمَا فِي تَعَارُضِ الشَّيْخَيْنِ، فَيَسْتَوِيَانِ فِي وَجْهٍ، وَيُقَدَّمُ طَرَفُ أَبِي بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي وَجْهٍ.
الْحَالُ الثَّانِي: أَنْ يُوَافِقَهُ سَائِرُ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - وَيَقُولُوا بِمَا قَالَهُ، فَهَذَا إِجْمَاعٌ مِنْهُمْ عَلَى الْحُكْمِ، وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ انْقِرَاضُ عَصْرِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute